تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٦٦
الرجاء، وبرج المحبة، وبرج الشوق، وبرج الوله، فهذه اثنا عشر برجا بها دوام صلاح القلب كما أن الاثني عشر برجا من الحمل والثور إلى آخر العدد صلاح الدار الفانية وأهلها.
قوله تعالى: * (وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) * [الآية: 61].
في السماء سراج الشمس، ونور القمر، وفي القلب سراج الإيمان والأقدار بالوحدانية والفردانية، والصمدانية، وقمر المعرفة يشرق بأنوار الأزلية والأبدية مثلا لأنوار المعرفة وإيمانه على لسانه بالذكر وعلى عينه العزة، وعلى جوارحه بالطاعة والخوف وتلك الأنوار من تمام تولية الله للعبد في الأحوال كلها.
قوله تعالى: * (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) * [الآية: 62].
قال بعضهم: خليفة يخلف أحدهما صاحبه لمن أراد خدمة ربه وعبادته.
قوله تعالى: * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) * [الآية: 63].
قال الجنيد رحمة الله عليه: عباد صفة مهملة وعبادي صفة الحقيقة، وعباد الرحمن صفة حقيقة الحقيقة.
قال ابن عطاء رحمه الله: هم الخواص من العباد لإضافة الحق إياهم إلى اسمه الخاص، وهو الرحمن أعلمك بهذا انه خصهم من بين عباده بخصائص الولاية من عبده وهو أن رزقهم الشفقة على عامة عباده وزينهم بالأخلاق الشريفة التي هي نتائج اخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: * (وإنك لعلى خلق عظيم) * [القلم: 4].
سئل عند ذلك فقال: أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك وتعفو عن من ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك هكذا وصف الله عز وجل هؤلاء الخواص من عباده بقوله: * (يمشون على الأرض هونا) * إلى آخر القصة.
قال جعفر: الذي يمشون على الأرض هونا بغير فخر ولا خيلاء، ولا تبختر بل بتواضع، وسكينة، ووقار وطمأنينة، وحسن خلق، وبشر وجه كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين فقال: ' هينون لينون كالجمل، الأنف، إن قيد انقاد وإن انتخ على صخره استناخ ' وذلك لما طالعوا من تعظيم الحق وهيبته وشاهدوا من كبريائه وجلاله خشعت لذلك أرواحهم، وخضعت نفوسهم وألزمهم ذلك التواضع والتخشع.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»