ذكر ما قيل في سورة الناس بسم الله الرحمن الرحيم قال عمرو المكي: * (الوسواس) * من وجهين: من النفس والعدو، فوسواس النفس بالمعاصي، التي توسوس بها العدو كلها غير شيئين فإن النفس لا توسوس بهما أحدهما التشكيك والامر.
القول على الله بغير علم قال الله في وصف الشيطان: * (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * [البقرة: 169].
وقال أبو بكر الوراق: الوسواس من شر العوارض واخبثها وأبعدها من الصواب.
وأشدها غرورا وأشهاها إلى النفس وأجلاها إلى القلب، وازينها في العين لأنها على موافقة النفس، والنفس أرضية وهي ليست سماوية كالحقوق النازلة منه و * (الوسواس) * يقع في أصول الدين وهو الآراء والمقاييس فإن الإنسان يقبل من إبليس مقاييسه، ووسواسه وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس، وقاس إبليس لما قال: في مقابلة الأمر من الله إليه من مواجهته حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، وهو الذي أخبر الله عنه أنه الخناس الذي يوسوس في صدور الناس بدأ في وسوسته وشؤم قياسه بآدم فقال: * (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) * وسوس اليهما في ذلك بالملك وقاس مقال إنما خوطبت في الشجرة ولم يخاطب في غيرها فاترك ما خوطبت فيها وتناول من جنسها فوقع ذلك من آدم موقعا لحرصه على مجاوزة ربه.
وقال يحيى بن معاذ: الوسوسة بذر الشيطان فإن لم تعطه أرضا وماء ضاع بذره، وإن أعطيته الأرض والماء بذر فيه الشيطان، فسئل ما الأرض والماء؟ فقال: الشبع ارضه والنوم ماؤه.
وقال يحيى بن معاذ: إنما هو جسم، وروح، وقلب، وصدر، وشغاف، وفؤاد.
فالجسم بحر الشهوات، قال الله تعالى: * (إن النفس لأمارة بالسوء) * [يوسف: 53].
والروح بحر المناجاة.