الزهد والقناعة، والأذنان الخوف والرجاء، والعينان الشوق والمحبة، واللسان العلم والفطنة فمن استعمل هذه الأركان في رضا محبوبه، وشغلها بخدمة معبوده فهو من الأبرار الذين هم على الأرائك ينظرون.
قوله تعالى: * (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) * [الآية: 24].
قال جعفر رحمه الله: تبقى لذة النظر تتلألأ مثل الشمس في وجوههم إذا رجعوا من زيارة الله إلى أوطانهم.
قال بعضهم: ترى في ذلك الوجوه إقبال الحق عليها فنعمت بإقبال المنعم عليها.
قوله تعالى: * (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) * [الآية: 26].
قال ذو النون رحمه الله: علامة المتنافسين تعلق القلب به، وطيران الضمير إليه، والحركة عند ذكره، والهرب من الناس والأنس بالوحدة، والبكاء على ما سلف، وحلاوة سماع الذكر، والتدبر في كلام الرحمن، ويلقى النعم بالفرح والشكر والتعرض للمناجات.
قوله تعالى: * (ومزاجه من تسنيم) * [الآية: 27].
كؤوسا مزجت بالانس فتنسموا رائحة القرب منها قوله تعالى: * (عينا يشرب بها المقربون) * [الآية: 28].
قال بعضهم: قال يشرب بها المقربون صرفا، ويمزج لأصحاب اليمين فليس كل من احتمل حمل الصفات قوى على مشاهدة الذات، وشراب المقربين لحملهم الذات، والصفات جميعا.
وقال الواسطي رحمه الله: يشرب بها المقربون صرفا على مشاهدة محبوبهم.
قال الجريري: يشرب بها المقربون على بساط القرب في مجلس الأنس، ورياض القدس بكأس الرضا على مشاهدة الحق عز وجل.
قوله تعالى: * (على الأرائك ينظرون) * [الآية: 23].
قال القاسم: ينظرون متعجبين إلى أهل الشهوات في الجنة وهم على الأرائك والمراتب التي تدنيهم من ربهم وكيف يشتهون شيئا، وهم مشتغلون في تصريفهم ومغيبون عن شواهدهم في تدبيره بلا شهوة ولا إقبال ولا فترة ولا إدبار إذ الأمور بحقوقها عنه مصروفة.