قال الله: * (وإبراهيم الذي وفى) *.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم قال: وفى بتسليم المال والولد والروح لله في الدنيا في نفسه بحفظها حين ألقى في النار وبولده حين بطحه للذبح بقوله: * (وفديناه بذبح عظيم) *.
قوله تعالى: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * [الآية: 39].
قال الواسطي رحمة الله عليه: ليس للإنسان إلا ما جحد من سعيه وتبرأ منه.
وقال ابن عطاء: ليس له من سعيه إلا ما نواه إن كان سعيه لرضا الرحمن فإن الله يرزقه الرضوان وإن كان سعيه للثواب والعطاء والاعواض فله ذلك.
قال محمد بن عيسى الهاشمي: أقرب الطريق من السلامة معرفة المرء بنفسه ومنعها من شهواتها لأنها أكثر سعيها.
قال النصرآباذي: سعى الإنسان في طريق السلوك لا في طريق الحقيقة فإذا تحقق سعى به ولا يسعى هو بنفسه وأنشد:
* الطرق شتى وطريق الحق منفرد * والسالكون طريق الحق أفرادا * سمعت النصرآباذي يقول: ساع يسعى في طريق ليرى فيه المملكة وساع يسعى في طريق ليشهد فيه الملك فشتان ما بين السعيين وأنشد:
* أيا وجه من اهوى جعلت لك الفدا * متى نلتقي في مجلس أنت واحدا * قال أبو بكر الوراق في قوله: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * ذلك في بداياتهم * (وأن سعيه سوف يرى) * في توسط أمورهم * (ثم يجزاه الجزاء الأوفى) * وذلك في نهاياتهم * (وأن إلى ربك المنتهى) * وذلك عن فناء العبد من إرادته وصفاته * (وأنه هو أضحك وأبكى) * النشوء الثاني.
قوله تعالى: * (وأن سعيه سوف يرى) * [الآية: 40].
قال الواسطي رحمة الله عليه: إنه لم يكن مما يستجلب به شيئا من الثواب.
وقال أبو حفص: من نظر إلى آفات عمله والتقصير في مواجبه كره أن يذكر به وانف عن أن ينسب ذلك إلى نفسه أو ينسب إليه ذلك.
قال سهل: سوف يرى سعيه فيعلم انه لا يصلح للحق ويعلم ما الذي يستحق لسعيه وانه لو لم يلحق فضل ربه لهلك سعيه.