الذي أرجئ لأنه خص به وما كان مخصوصا به كان مستورا وما بعثه به إلى الخلق كان ظاهرا.
قال الصادق: * (دنى فتدلى * فأوحى إلى عبده ما أوحى) *. قال: لما قرب الحبيب من الحبيب بغاية القرب نالته غاية الهيبة وألطفه الحق بغاية اللطف لأنه لا يحمل غاية الهيبة إلا غاية اللطف وذلك قوله: * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * أي ما كان وجرى وما جرى قال الحبيب للحبيب ما يقول الحبيب للحبيب وألطف به الطاف الحبيب لحبيبه واسر إليه ما يسر إلى حبيبه فاخفيا ولم يطلعا على سرهما أحدا سواهما فلذلك قال: * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * ولا يعلم ذلك الوحي الا الذي أوحى والذي أوحى إليه.
قوله تعالى: * (ما كذب الفؤاد ما رأى) * [الآية: 11].
قال سهل رحمة الله عليه: * (ما كذب الفؤاد ما رأى) * البصر قال: هو في مشاهدة ربه كفاحا يبصره بقلبه.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء رحمة الله عليه: ما اعتقد القلب خلاف ما رأته العين.
قال بندار بن الحسين: الفؤاد وعاء القلب فما ارتاب الفؤاد فيما رأى الأصل وهو القلب.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز قال: قال ابن عطاء:
ليس كل من رأى مكن فؤاده من إدراكه إذ العيان قد يظهر فيضطرب السر عن حمل الفؤاد عليه والرسول صلى الله عليه وسلم محمول فيها في فؤاده وعقده وحسه ونظره وهذا يدل على صدق صلابته وجملة فيما شوهد به.
قال جعفر: لا يعلم أحد ما رأى إلا الذي أرى والذي رأى صار الحبيب إلى الحبيب قريبا وله نجيا وبه أنيسا * (نرفع درجات من نشاء) *.
قوله تعالى: * (أفتمارونه على ما يرى) * [الآية: 12].
قال بعضهم: على ما يرى منا بنا وما يراه منا بنا أفضل مما يراه به منا.
قال الواسطي رحمة الله عليه: أفتشكون على دنو مقامه منا وقربه فلا يشك في دنوه إلا من هو محجوب عن علو محله ومرتبته.
قوله تعالى: * (عند سدرة المنتهى) * [الآية: 14].