الحق يقلبها كيف يشاء ووسعه وصفاه من الدنق ونقاه وشرحه وفسحه ثم حشاه محبته وإيمانه ويقينه لذلك خاطب أصحاب القلوب بخصائص ما أودع فيها.
قال القاسم: لمن كان له قلب حي والقى السمع إلى كل موعظة وذكر وهو شهيد يشهد ربه بقلبه وروحه فيستفيد منه طرف الفوائد الموجودة في تلك المشاهدة.
قال ابن عطاء: قلب لاحظ الحق بعين التعظيم فدان وانقطع عما سواه وإذا لاحظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن.
قال أبو سعيد الخراز: قلب المؤمن رأس ماله وزاد المريد موضع نظر الحق.
وقال بندار بن الحسين: القلب مضغة وهو محل الأنوار وموارد الزوائد من الخيار وبها يصح الاعتبار جعل القلب للأسر أميرا فقال: * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) * ثم جعله لربه أسيرا فقال: * (يحول بين المرء وقلبه) *.
سمعت محمد عبد الله الرازي يقول: سمعت أبا بكر محمد بن موسى رحمة الله عليه يقول: خلق الله الخلق فجعل الأنبياء للمشاهدة لقوله: * (أو ألقى السمع وهو شهيد) * فحقيقة المشاهدة هؤلاء الأنبياء.
وقال بعضهم: * (أو ألقى السمع وهو شهيد) * قال حاضر القلب.
وقال ابن سعيد الخراز: * (أو ألقى السمع) * لا يستمع القرآن وهو أن يسمعه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليه ثم يترقى عن ذلك كأنه يسمعه من جبريل وقراءته في النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: * (نزل به الروح الأمين) * ثم يرقى كأنه يسمعه من الحق: * (وننزل من القرآن ما هو شفاء) * وهذا تأويل قوله: * (أو ألقى السمع وهو شهيد) *.
وقال جعفر في قوله: * (لمن كان له قلب) * قال: إذا هم عوقب القلب على المكان ولا يعرفه إلا العلماء بالله.
سمعت الحسين بن يحيى يقول: سمعت ابن عيون الضراب يقول: قال الحارث بن أسد المحاسبي: سمى القلب قلبا لأنه يتقلب في الأمور وإنما جعل مصدره الصدر لأنه تصدر منه العلوم.
وقال بعض الحكماء: القلب قلب كما سمى مسميه إذا سمى وعلا تمت معانيه.
قوله تعالى: * (وما مسنا من لغوب) * [الآية: 38].