قوله عز وجل: * (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) * [الآية: 30].
قال ذو النون: التمتع أن يقضي العبد ما استطاع من شهوته.
قوله عز وجل: * (وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره) * [الآية: 32].
قال جعفر: سخر لكم السماوات بالمطر، والأرض بالنبات، والبحر أن يتخذ سبيلا ومتجرا، وسخر لكم الشمس والقمر، يدوران عليك ويوصلان إليك منافع الثمار والزروع، وسخر قلب المؤمن لمحبته ومعرفته، وجعل الله تعالى من العباد القلوب لأنه موضع نظره ومستودع أمانته ومعرفة أسراره.
قوله عز وجل: * (وآتاكم من كل ما سألتموه) * [الآية: 34].
قال يحيى بن معاذ: إن الله تعالى أعطاك أكثر ما في خزائنه وأجله وأعظمه من غير سؤال وهو التوحيد فكيف يمنعك ما هو دونها من الثواب، ودفع العقاب بسؤال فاجتهد أيها العبد أن لا يكون سؤالك إلا منه ولا رغبتك إلا فيه، ولا رجوعك إلا إليه فإن الأشياء كلها له، فمن أشغله بغيره عنه فقد قطع عليه طريق الحقيقة ومن شغله به، وجعل الأشياء طوع يديه فينقلب له الأعيان ويقرب له البعيد ويمشي حيث أحب، وهذا من مقامات العارفين.
قوله عز وجل: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * [الآية: 34].
تعد نعمة من المنعم، فتعجز عن الإحصاء فكيف إذا تتابعت، قيل - أجل النعم استواء الخلقة والهام المعرفة والذكر من سائر الحيوان، ولا يطيق القيام بشكرها أحد، وقيل: إن الإنسان لظلوم: لنفسه حيث ظن أن شكره يقابل نعمه، كفار: محجوب عن رؤية الفضل عليه في البدء والعاقبة.
قال سهل: إن تعدوا نعمة الله: عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم لن تحصوها بل جعل السفير فيما بينكم وبين السفير الأعلى والواسطة الأدنى.
قال ابن عطاء: أجل النعم رؤية معرفة النعم، ورؤية التقصير في القيام بشكر المنعم.
قال ابن عطاء: النعمة أزلية كذلك يجب أن يكون شكرها أزلي واعلم أن لك نفسا وروحا وقلبا، فنعمة النفس الطاعات، ونعمة الروح الخوف، ونعمة القلب اليقين والحكمة، ونعمة الروح المحبة والذكر، ونعمة المعرفة الألفة بالنفس في أبحر الطاعات