تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٧٨
ثم قال * (غدوها شهر ورواحها شهر) * تسير به الريح عند الغداة مسيرة شهر فتحمله مع جنوده من بيت المقدس إلى إصطخر * (ورواحها شهر) * يعني تسير به عند آخر النهار مسيرة شهر من إصطخر إلى بيت المقدس واصطخر عند بلاد فارس * (وأسلنا له عين القطر) * يعني أجرينا له عين الصفر المذاب يقال تسيل له في كل شهر ثلاثة أيام يعمل بها ما أحب وروى سفيان عن الأعمش قال سيلت له كما سيل الماء ويقال جرى له عين النحاس في اليمن وقال شهر بن حوشب جرى له عين النحاس من صنعاء * (ومن الجن من يعمل بين يديه) * يعني وسخرنا لسليمان * (من الجن من يعمل بين يديه) * * (بإذن ربه) * أي بأمر ربه * (ومن يزغ منهم عن أمرنا) * يعني من يعص سليمان فيما أمره * (نذقه من عذاب السعير) * قال بعضهم كان معه ملك ومعه سوط من عذاب السعير فإذا خالف سليمان أحد الشياطين ضربه بذلك السوط وقال مقاتل يعني به عذاب الوقود في الآخرة قوله عز وجل * (يعملون له ما يشاء من محاريب) * يعني المساجد ويقال الغرف * (وتماثيل) * يعني على صور الرجال من الصفر والنحاس لأجل الهيبة في الحرب وغيره ويقال ويجعلون صورا للأنبياء ليستزيد الناس رغبة في الإسلام ثم قال * (وجفان كالجواب) * يعين قصاعا كالحياض الكبيرة ويجلس على قصعة واحدة ألف رجل أو أقل أو أكثر الجابية في اللغة الحوض الكبير وجماعته جوابي قرأ ابن كثير " كالجوابي " بالياء في الوقف والوصل جميعا وقرأ أبو عمرو وبالياء في الوصل والباقون بغير ياء فمن قرأ بالياء فلأنه الأصل ومن حذف فلاكتفائه بكسر الياء * (وقدور راسيات) * يعني ثابتات في الأرض وكان سليمان يتخذ القدور من الجبال قال مقاتل كان ملكه ما بين مصر وبابل وقال بعضهم جميع الأرض ثم قال * (اعملوا آل داود) * يعني يا آل داود * (شكرا) * لما أعطيتكم من الفضل ويقال معناه اعملوا عملا تؤدوا بذلك شكر نعمتي * (وقليل من عبادي الشكور) * و * (الشكور) * هو المبالغة في الشكر وهو من كان عادته الشكر في الأحوال كلها وقيل مثل هذا في الناس قليل وهذا معنى قوله * (وقليل من عبادي الشكور) * وروي عن أبي العالية أنه قال هو شكر الشكر يعني إذا شكر النعمة يعلم أن ذلك الشكر بتوفيق الله عز وجل ويشكر لذلك الشكر وهذا في الناس قليل ثم قال عز وجل * (فلما قضينا عليه الموت) * يعني على سليمان عليه الصلاة والسلام فكان سليمان يبني في بيت المقدس فرأى أن ذلك لا يتم إلا بالجن فأمرهم بالعمل وقال لأهله لا تخبروهم بموتى فكان قائما في الصلاة متكئا على عصاه وكان سليمان عليه السلام يطول الصلاة وكان الجن إذا حضروا رأوه قائما فرجعوا ويقولون إنه قائم يصلي فيقبلون على أعمالهم
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»