تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٦
في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه قال عبد المطلب إنني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه فقال ما كان ليمنعه مني قال أنت وذلك فرد عليه الإبل فانصرف عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج بمن بقي من أهل مكة إلى الجبال وفي بطون الشعاب ثم إن عبد المطلب أخذ بحلقتي باب الكعبة وقال اللهم إن المرء يمنع رحله وذكر كلمات في ذلك ثم أرسل حلقتي الباب وانطلق ومن معه إلى قلل الجبال ينتظرون ما يصنع أبرهة بمكة فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ جيشه وهيأ فيله وكان اسم الفيل محمودا وكنيته أبو العباس وكنية أبرهة أبو البكشوم فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى جاء إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه فقال أبرك محمودا وارجع راشدا من حيث جئت فإنك والله في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه واضطجع فضربوه ليقوم فأبى فضربوا رأسه بالطبرزين فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك وأرسل الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف مع كل طير منها ثلاثة أحجار حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمصة والعدسة لا تصيب أحدا منهم إلا هلك فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق فخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا معه يسقط من جسده أنملة أنملة كلما سقطت منه أنملة خرجت منه مده قيح ودم حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم مات فملك ابنه يكثوم بن أبرهة ملك اليمن وروي في الخبر أنه أول ما وقعت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وقال بعضهم كان أمر أصحاب الفيل قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث وعشرين سنة وقال بعضهم كان ذلك في عام مولده وروي عن قيس بن مخرمة أنه قال ولدت أنا ورسول اله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل فنزل قوله * (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) * يعني كيف عاقب ربك أصحاب الفيل بالحجارة حين أرادوا هدم الكعبة قال تعالى * (ألم يجعل كيدهم في تضليل) * يعني كيد الذين أرادوا هدم الكعبة يعني في خسارة ويقال معناه ألم يجعل صنيعهم في أباطيل * (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) * يعني متتابعا بعضها على أثر بعض وقال سعيد بن جبير أرسل الله عليهم طيورا بيضا صغارا وقال عبيد بن عمير أرسل عليهم طيرا بلقا من البحر كأنها الخطاطيف وروى عطاء عن ابن عباس قال طيرا سودا جاءت من قبل البحر فوجا فوجا ثم قال * (ترميهم بحجارة من سجيل) * قال سعد بن جبير الحجارة أمثال الحمصة
(٥٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 ... » »»