العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله فقاتله فهرب ذو يفن وأصحابه وأخذ ذو يفن وأوتي به أسيرا فلما أراد قتله قال أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن أكون معك خير لك من قتلي فتركه وحبسه عنده في وثاقه ثم مضى على وجهه ذلك حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي فقاتله فهزمه وأخذ أسيرا فلما أتي به وهم بقتله فقال أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب فتركه وخلى سبيله وخرج به معه يدله على أرض العرب حتى إذا مر بالطائف فخرج إليه مسعود بن مغيث الثقفي في رجال من ثقيف فقالوا أيها الملك إنما نحن عبيدك ليس عندنا لك خلاف وليس بيتنا هذا الذي تريد وليست بالتي يحج إليه العرب وإنما ذلك بيت قريش الذي بمكة فنحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم فبعثوا معه أبا رغال فخرج يهديهم الطريق حتى أنزلهم بالمغمس وهي على ستة أميال من مكة فمات أبو رغال هناك فرجمت العرب قبره فهو القبر الذي ترجمه الناس بالمغمس ثم إن قريشا لما علموا أن لا طاقة لهم بالقتال مع هؤلاء القوم لم يبق بمكة أحد إلا خرج إلى الشعاب والجبال ولم يبق أحد إلا عبد المطلب على سقايته وشيبة أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي البيت ويقول اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبوا بصليبهم فأمر ما بدا لك ثم إن أبرهة بعث رجلا من الحبشة على جمل له حتى انتهى إلى مكة وساق إلى أبرهة أموال قريش وغيرها فأصاب مائتي بعير لعبد المطلب وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ثم بعث أبرهة رجلا من أهل حمير إلى مكة وقال له سل عن سيد هذا البيت وشريفهم ثم قال له إن الملك يقول لك إني لم آت لأخرجكم وإنما جئت لأهدم هذا البيت فإن لم تتعرضوا إلى دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فلما دخل الرسول مكة جاء إلى عبد المطلب وأدى إليه الرسالة فقال عبد المطلب ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعه فهو بيته وحرمه وإن لم يحل بينه وبين حرمه والله ما عندنا دفع عنه فقال له الرسول فانطلق بنا إليه فإنه قد أمرني أن آت بك إليه فانطلق إليه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتي العسكر حتى أتى العسكر فسأل عن ذي يفن وكان صديقا له فجاءه وهو في مجلسه فقال له هل عندك من عناء بما نزل بنا فقال له ذو يفن ما عناء رجل أسير بيد ملك ينتظر بأن يقتله غدوا أو عشيا ألا أن صاحب الفيل صديق لي فأرسل إليه فأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستوصي بك خيرا ويستأذن لك على الملك فتكلمه أنت بما بدا لك فقال حسبي ففعل ذلك فلما دخل عبد المطلب على الملك وكلمه فأعجبه كلامه ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك قال عبد المطلب حاجتي إليك أن ترد إلي مائتي بعير لي فقال لك ذلك قال له أبرهة لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم إني زهدت فيك حين كلمتني
(٥٩٥)