تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٩
سورة البلد مكية وهي عشرون آية سورة البلد 1 - 4 قول الله تبارك وتعالى * (لا أقسم بهذا البلد) * * (لا) * صلة في الكلام ومعناه أقسم برب هذا البلد الذي ولدت فيه يعني مكة * (وأنت حل بهذا البلد) * يحلها يوم فتح مكة معناه فسيحل لك هذا البلد يعني القتال فيه ساعة من النهار ولم يحل لك أكثر من ذلك وروى عبد الملك عن عطاء في قوله * (وأنت حل بهذا البلد) * قال إن الله تعالى حرم مكة فجعلها حراما يوم خلق السماوات والأرض وهي حرام إلى أن تقوم الساعة ولم تحل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل البيت يوم فتح مكة ووضع يده على باب الكعبة فقال (لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله تعالى إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار) ثم قال عز وجل * (ووالد وما ولد) * يعني آدم * (وما ولد) * يعني ذريته ويقال كل والد وكل مولود وقال عكرمة * (ووالد) * الذي يلد * (وما ولد) * التي لم تلد من النساء والرجال * (لقد خلقنا الإنسان في كبد) * يعني معتدل الخلق والقامة فأقسم بمكة وبآدم وذريته * (لقد خلقنا الإنسان) * منتصبا قائما على رجلين وقال مقاتل نزلت الآية في الحارث بن عامر بن نوفل وروى مقسم عن ابن عباس في قوله * (لقد خلقنا الإنسان في كبد) * قال خلق كل شيء يمشي على أربع إلا الإنسان فإنه خلق منتصبا وهذا كقوله * (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) * [التين 4] ويقال * (لقد خلقنا الإنسان في كبد) * يعني في مشقة وتعب وروي عن ابن رفاعة عن سعيد بن الحسن قال وعن الحسن البصري في قوله * (لقد خلقنا الإنسان في كبد) * قال سعيد يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة وقال الحسن لم يخلق الله تعالى خليقة يكابد مكابدة ما يكابد ابن آدم وروي عن عطاء عن ابن عباس يقول خلق في شدة يعني مولده ونبات أسنانه وغير ذلك ويقال معناه * (لقد خلقنا الإنسان في كبد) * وهي المضغة مثل الكبد دما عبيطا ثم يصير مضغة
(٥٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 ... » »»