تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٥٨
وكان في أيام الصيف حين اشتد الحر وطابت الثمار والظلال فكانوا يتثاقلون عن الخروج فعاتبهم الله تعالى فقال * (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) * يقول آثرتم واخترتم عمل الدنيا على عمل الآخرة * (فما متاع الحياة الدنيا) * يعني منفعة الدنيا * (في الآخرة إلا قليل) * يعني بجنب منفعة الآخرة إلا ساعة ويقال معناها ما يتمتع به في الدنيا قليل عندما يتمتع به أولياء الله في الجنة ثم خوفهم فقال تعالى * (إلا تنفروا يعذبكم) * الله وأصله إن لا تنفروا فأدغم النون في اللام ومعناه إن لم تنفروا يعني إن لم تخرجوا إلى الغزو مع نبيكم يعذبكم * (عذابا أليما) * يعني يسلط عليكم عدوكم أو يهلككم * (ويستبدل قوما غيركم) * خيرا منكم وأطوع لله تعالى * (ولا تضروه شيئا) * يقول ولا تنقصوا عن ملكه شيئا بجلوسكم عن الجهاد " والله على كل شيء قدير " أن يستبدل بكم قوما غيركم سورة التوبة 40 قوله تعالى * (إلا تنصروه فقد نصره الله) * يعني إن لم تنصروه ولم تخرجوا معه إلى غزوة تبوك فالله ينصره كما نصره * (إذ أخرجه الذين كفروا) * يعني كفار مكة من مكة * (ثاني اثنين) * يعني كان واحدا من اثنين يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ولم يكن معهما غيرهما فنصرهما الله تعالى * (إذ هما في الغار) * وذلك حين أراد أهل مكة قتله فهاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر فلم يجده فجلس إلى أن جاء أبو بكر فقبل رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لك بأبي أنت وأمي قال ما أرى قريشا إلا قاتلي فقال أبو بكر دمي دون دمك ونفسي دون نفسك لا يصنع بك شيء حتى يبدأ بي فقال أخل بي قال أبو بكر ليس بك عين إنما هما إبنتاي أسماء وعائشة قال قد أذن لي بالخروج من مكة فقال أبو بكر يا رسول الله إن عندي بعيرين حبستهما للخروج فخذ إحداهما واركبه قال لا آخذه إلا بالثمن فأخذه بالثمن وهي ناقته القصواء فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بأن يبيت مكانه وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر حتى أتيا ثورا جبلا بأسفل مكة قال الفقيه حدثنا أبو جعفر قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سهل القاضي قال
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»