تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
بأعمالهم وقال مجاهد بنبيهم وقال الحسن بكتابهم الذي فيه أعمالهم * (فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم) * أي يقرؤون حسناتهم ويعطون ثواب حسناتهم * (ولا يظلمون فتيلا) * يعني لا يمنعون من ثواب أعمالهم مقدار الفتيل وهو ما فتلته من الوسخ بين إصبعيك ثم قال الله تعالى * (ومن كان في هذه أعمى) * أي من كان في هذه النعم أعمى يعني لم يعلم أنها من الله * (فهو في الآخرة أعمى) * عن حجته * (وأضل سبيلا) * يعني أضل عن حجته قال مجاهد " من كان في هذه الدنيا أعمى " عن الحجة فهو في الآخرة أعمى عن الحجة * (وأضل سبيلا) * أي أخطأ طريقا وقال قتادة " من كان في هذه الدنيا أعمى " عما عاين من نعم الله وخلقه ومن عجائب الله فهو في الآخرة التي هي غائبة عنه ولم يرها أعمى وقال مقاتل فيه تقديم ومعناه * (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) * ومن كان عن هذه النعم أعمى فهو عما غاب عنه من أمر الآخرة أعمى وقال الزجاج معناه إذا عمي في الدنيا وقد تبين له الهدى وجعل إليه التوبة وضله عن رشده فهو في الآخرة لا يجد متابا ولا مخلصا مما هو فيه فهو أشد عمى وأضل سبيلا أي أضل طريقا لأنه لا يجد طريقا إلى الهداية فقد حصل على عمله وذكر عن الفراء أنه قال تأويله من كان في هذه النعم التي ذكرتها أعمى لا يعرف فضلها ولا يشكر عليها وهي محسوسة * (فهو في الآخرة أعمى) * يعني أشد شكا في الذي هو غائب عنه في الآخرة من الثواب والعقاب سورة الإسراء 73 ثم قال تعالى * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) * أي وقد كادوا ليصرفونك عن الذي أوحينا إليك إن قدروا على ذلك وذلك أن ثقيفا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا نحن أخوالك وأصهارك وجيرانك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا تريدون قالوا نريد أن نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال فقال صلى الله عليه وسلم وما هن قالوا لا ننحني في الصلاة ولا نكسر أصنامنا بأيدينا وأن تمتعنا بالأصنام سنة أي بطاعة الأصنام سنة فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أما قولكم لا ننحني في الصلاة فإنه لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود قالوا فإنا نفعل ذلك وإن كان فيه دناءة وأما قولكم إنا لا نكسر أصنامنا بأيدينا فإنا سنأمر بكسرها قالوا فتمتعنا باللات فقال فإني غير ممتعكم بها سنة قالوا يا رسول الله فإنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره أن يقول لا مخافة أن يأبوا الإسلام فنزل * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره) * وقال السدي إن قريشا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إنك ترفض آلهتنا كل الرفض فلو أنك تأتيها فتمسها أو تبعث بعض ولدك فيمسها كان أرق لقلوبنا وأحرى أن نتبعك فأراد أن يبعث ابنه
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»