تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٣٢
جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان فقلت يا رسول الله من أي شيء تبكي فقال أبكي للذي عرض علي لأصحابك من أخذهم الفداء فنزل * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه أحد غير عمر قرأ أبو عمرو " أن تكون له أسرى " بلفظ التأنيث والباقون بالياء بلفظ التذكير لأن الفعل مقدم ثم قال * (والله يريد الآخرة) * يعني عزة الدين * (والله عزيز) * في ملكه * (حكيم) * في أمره قوله تعالى * (لولا كتاب من الله سبق) * يقول لولا أن الله أحل الغنائم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم * (لمسكم فيما أخذتم) * يعني لأصابكم فيما أخذتم من الفداء * (عذاب عظيم) * ثم طيبها وأحلها لهم فقال * (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) * وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال لم تحل الغنيمة لقوم سود الرؤوس قبلكم كان تنزل نار من السماء فتأكلها حتى كان بدر فوقعوا في الغنائم فأحلت لهم فأنزل الله تعالى * (لولا كتاب من الله سبق) * وقال النبي صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي بعثت إلى الناس كافة ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وجعلت لي شفاعة لأمتي يوم القيامة وللآية وجه آخر روى الضحاك في قوله تعالى * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * وذلك أنه لما كان يوم بدر ووقعت الهزيمة على المشركين أسرع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخذ أسلاب المشركين ممن قتل يوم بدر وأخذ الغنائم وفداء الأسرى وشغلوا أنفسهم بذلك عن القتال فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله ألا ترى إلى ما يصنع أصحابك تركوا قتال العدو وأقبلوا على أسلابهم وإني أخاف أن تعطف عليهم خيل من خيل المشركين فنزل * (تريدون عرض الدنيا) * يعني أتطلبون الغنائم وتتركون القتال * (والله يريد الآخرة) * يعني قهر المشركين وإظهار الإسلام * (والله عزيز حكيم) * قوله تعالى * (لولا كتاب من الله سبق) * يعني لولا ما سبق من الكتاب أن الغنائم تحل لهذه الأمة لأصابكم * (عذاب عظيم) * وقال النبي صلى الله عليه وسلم لو نزل من السماء عذاب ما نجا أحد غير عمر لأنه لم يترك القتال
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»