تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٢١١
" وقال " يعني يوسف عند ذلك * (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل) * يعني هذا السجود تحقيق رؤياي من قبله * (قد جعلها ربي حقا) * يعني جعل رؤياي صدقا ويقال كائنا وروي عن ابن عباس أنه قال كان بين رؤياه وبين ذلك اثنان وعشرون سنة وروى أبو عثمان النهدي عن سلمان أنه قال كان بين رؤياه وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة وعن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة وإليه ينتهي الرؤيا وقال السدي كان بينهما تسع وثلاثون سنة وقال حين رأى رؤياه كان يوسف ابن تسع سنين فظهر تأويلها وهو ابن أربعين سنة ثم قال تعالى * (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) * يعني جاء بكم معافين سالمين من البادية يعني أرض كنعان و * (من بعد أن نزغ الشيطان) * يعني من بعد أن أفسد وألقى الشيطان * (بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء) * من الفرقة والجماعة ويقال " لطيف " في فعاله إن يشأ فرق وإن يشأ جمع * (إنه هو العليم) * بما صنعوا * (الحكيم) * إذ رد علي أبي وجمع بيني وبين إخوتي سورة يوسف 101 قوله تعالى * (رب قد آتيتني من الملك) * قال الفقيه أبو الليث رحمه الله إن الله تعالى مدح يوسف في هذه السورة في ثمانية مواضع أولها أن أخوته لما فعلوا به ما فعلوا صرف العداوة من إخوته إلى الشيطان فقال * (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) * والثاني حين راودته المرأة قال * (إنه ربي أحسن مثواي) * فعرف حرمة سيده ولم يهتك حرمته الثالث * (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) * فاختار السجن على الشهوة الحرام والرابع قال * (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) * بعد ما ظهر أن الذنب كان من غيره والخامس لما اعتذر إليه إخوته قال لهم " لا تثريب عليكم واليوم " والسادس أنه بعث القميص على يد إخوته كما أدخلوا على أبيهم الحزن في الابتداء أراد أن يدخلوا عليه السرور فقال * (اذهبوا بقميصي هذا) * والسابع لما لقي أباه لم يذكر عنده ما لقي من الشدة وإنما ذكر المحاسن حيث قال * (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) * والثامن لما تم أمره تمنى الموت وترك الدنيا قال * (رب قد آتيتني من الملك) * أي أعطيتني من الملك يعني بعض الملك وهو ملك مصر * (وعلمتني من تأويل الأحاديث) * يعني بعض التأويل ويقال " من " هاهنا لإبانة الجنس لا للتبعيض ومعناه " رب قد آتيتني من الملك وعلمتني تأويل الأحاديث " يعني تعبير الرؤيا * (فاطر السماوات والأرض) * يعني خالق السماوات والأرض " أنت وليي في الدنيا
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»