تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
فأهلكهم الله تعالى ونجاني منهم فجعلت على نفسي أن أعبد الله تعالى ها هنا إلى أن أموت وقد أنبت الله تعالى لي شجرة رمان وأظهر لي عين ماء فآكل من الرمان وأشرب من ماء العين وأتوضأ منه فذهب صالح وانتهى إلى قرية كان أهلها كفارا كلهم غير أخوين مسلمين يعملان عمل الخوص فضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا قال لو أن مؤمنا دخل قرية فيها ألف رجل كلهم كفار وفيها مؤمن واحد فلا يسكن قلبه مع أحد حتى يجد المؤمن ولو أن منافقا دخل قرية فيها ألف رجل مؤمن ومنافق واحد فلا يسكن قلب المنافق مع أحد ما لم يجد المنافق فدخل صالح فانتهى إلى الأخوين ومكث عندهما أياما وسألهما عن حالهما فأخبراه أنهما يصبران على إيذاء المشركين وأنهما يعملان عمل الخوص ويمسكان قوتهما ويتصدقان بالفضل فقال صالح الحمد لله الذي أراني في الأرض من عباده الصالحين الذين صبروا على أذى الكفار فأنا أرجع إلى قومي وأصبر على أذاهم فرجع إليهم وقد كانوا خرجوا إلى عيد لهم فدعاهم إلى الإيمان فسألوا منه أن يخرج لهم ناقة من الصخرة فدعا الله تعالى فأخرج لهم ناقة عشراء فذلك قوله * (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية) * أي علامة وعبرة * (فذروها تأكل في أرض الله) * يعني في أرض الحجر * (ولا تمسوها بسوء) * يعني لا تعقروها * (فيأخذكم) * يعني يصيبكم * (عذاب قريب) * فولدت الناقة ولدا وكانت لهم بئر واحدة عذبة قال ابن عباس كان للناقة شرب يوم لا يقربونها ولهم شرب يوم وهي لا تحضره وكانوا يستقون الماء في يومهم ما يكفيهم للغد فيقتسمونه فيما بينهم فإذا كان يوم شربها كانت ترتع في الوادي ثم تجيء إلى البئر فتبرك فتدلي رأسها في البئر فتشرب منها ثم تعود فترعى ثم تعود إلى البئر فتشرب منها فتفعل ذلك نهارها كله وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون منهم قذار بن سالف ومصدع بن دهر وكانت في تلك القرية امرأة جميلة غنية وكانت تتأذى بالناقة لأجل سائمتها فقالت من عقر الناقة أزوج نفسي منه فخرج قذار بن سالف ومصدع بن دهر وكمن لها مصدع في مضيق من ممرها ورماها بسهم فأصاب رجلها فمرت بقدار وهي تجر رجلها فضربها بالسيف فعقرها وقسموا لحمها على جميع أهل القرية وكان في القرية تسعمائة أهل بيت ويقال ألف وخمسمائة فذلك قوله * (فعقروها فقال) * لهم صالح * (تمتعوا في داركم) * يعني عيشوا وانتفعوا في داركم * (ثلاثة أيام) * ثم يأتيكم العذاب * (ذلك وعد غير مكذوب) * فقالوا له ما العلامة في ذلك قال أن تصبحوا في اليوم الأول وجوهكم مصفرة وفي اليوم الثاني محمرة وفي اليوم الثالث مسودة ثم خرج صالح من بينهم قوله تعالى * (فلما جاء أمرنا) * يعني عذابنا * (نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا) *
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»