تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٤٨٣
بتشديد النون لأن أصله أتجاجونني بنونين فأدغم أحدهما في الآخر فقال * (أتحاجوني) * يعني أتجادلوني في دين الله " وقد هداني " يعني بين لي الطريق وكانت خصومتهم أنهم حين سمعوه عاب آلهتهم فقالوا له أما تخاف أن تخبلك آلهتنا فتهلك فقال لهم قوله تعالى * (ولا أخاف ما تشركون) * إني لا أخاف ما لا يسمع ولا يبصر وقال الكلبي ومقاتل لما خوفوه بذلك قال لهم إنما تخافون أنتم إذ سويتم بين الذكر والأنثى والصغير والكبير أما تخافون من الكبير إذ سويتموه بالصغير فذلك قوله تعالى * (ولا أخاف ما تشركون به) * ثم قال تعالى * (إلا أن يشاء ربي شيئا) * فأخاف منهم ويقال * (إلا أن يشاء ربي شيئا) * يعني أن الله تعالى لا يشاء أن أخافهم ثم قال " وسع ربي كل شيء علما " يعني ملأ علم ربي كل شيء علما يعني يعلم السر والعلانية * (أفلا تتذكرون) * يعني أفلا تتعظون فتؤمنون به قوله تعالى * (وكيف أخاف ما أشركتم) * يعني من الأصنام * (ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا) * يقول كتابا وعذرا وحجة لكم فيه * (فأي الفريقين أحق بالأمن) * من العذاب الموحد أم المشرك * (إن كنتم تعلمون) * ذلك أنا أعبد إلها واحدا وأنتم تعبدون آلهة شتى ثم قال " الذي آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال بعضهم هذا قول الله تعالى لما حكى قول إبراهيم للنبي صلى الله عليه وسلم قال له على أثر ذلك * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * يعني لم يخالطوا تصديقهم بالشرك ولم يعبدوا غيره * (أولئك لهم الأمن) * من العذاب * (وهم مهتدون) * من الضلالة وقال بعضهم هذا كله قول إبراهيم لقومه وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ابتلى فصبر وأعطي فشكر وظلم فاستغفر وظلم فغفر قيل له ما لهم يا رسول الله قال * (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) * قال الفقيه حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الماسرجسي قال حدثنا أبو كرب قال حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترون إلى قول لقمان لابنه * (إن الشرك لظلم عظيم) * لقمان 13 يعني إن الظلم هنا أراد به الشرك ثم قال تعالى * (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) * يعني أعطيناها إبراهيم على قومه يعني وفقناه للحجة فخاصم بها قومه * (نرفع درجات من نشاء) * يعني نرفع فضائل من نشاء في الدنيا بالحجة وفي الآخرة بالدرجات * (إن ربك حكيم) * في أمره * (عليم) * بخلقه من يصلح للنبوة قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي * (درجات) * بالتنوين وقرأ الباقون * (درجات) * على معنى الإضافة
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»