ووضعت صخرة على باب الغار فجاءه جبريل عليه السلام ووضع إبهامه في فمه وكان يمصه ويخرج منه اللبن وكان يجعل سبابته في فمه فيمصها ويخرج منها العسل حتى كبر وأدرك في أيام قليلة ويقال إن أمه كانت تختلف إليه وترضعه حتى أرضعته سنتين وتحمل إليه الطعام حتى أدرك في المدة التي يدرك فيها الصبيان فخرج من الغار فنظر إلى السماء وإلى الأرض وإلى الجبال فتفكر في نفسه ثم قال إن لهذه الأشياء خالقا خلقها والذي خلق هذه الأشياء هو الذي خلقني فذلك قوله * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * فكان في ذلك التفكير إذا نظر إلى نجم مضيء وهو المشتري فرآه أضوأ الكواكب وقد علم أن الله تعالى أعلى الأشياء ولا يشبهه شيء من خلقه ورأى الكواكب أعلى الأشياء أحسنها فقال * (هذا ربي) * وقال ذلك بغير فكره فكان ذلك منه زلة سورة الأنعام 76 - 79 قوله تعالى * (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) * وقال هذا بغير فكره فكان ذلك منه زلة ويقال إنما قال ذلك على طريق الاستفهام أهذا ربي * (فلما أفل) * يعني غاب الكوكب * (قال لا أحب الآفلين) * يعني لا أحب ربنا يتغير عن حاله ويزول * (فلما رأى القمر بازغا) * يعني طالعا ويقال كان ذلك في وقت السحر وكان ذلك في آخر الشهر فرأى كوكبا يعني الزهرة حين طلعت وكان من أضوأ الكواكب فلما ارتفع وطلع الفجر نقص ضوؤه ف * (قال لا أحب الآفلين) * يعني لا أحب ربنا يتغير * (فلما رأى القمر) * ورأى ضوءه أكثر من ضوء الكوكب * (قال هذا ربي) * على سبيل الاستفهام * (فلما أفل) * يعني نقص وضوؤه حين أسفر الصبح * (قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) * يعني لئن لم يحفظ ربي قلبي لقد كنت اتخذت إلها ما لم يكن إلها * (فلما رأى الشمس بازغة) * يعني طالعة قد ملأت كل شيء ضوءا ف * (قال هذا ربي هذا أكبر) * يعني أعظم وأكمل ضوءا وأكثر نورا * (فلما أفلت) * يعني غربت علم أنه ليس بإله فجاءته أمه فقال لها من ربي قالت أنا قال ومن ربك قالت أبوك قال ومن رب أبي قالت نمروذ بن كنعان قال ومن ربه قالت له اسكت فقال لها كيف هو هل يأكل ويشرب وينام قالت لعمر قال هذا لا يصلح أن يكون ربا وإلها فرجعت الأم إلى أب إبراهيم فأخبرته بالقصة فخرج إليه فسأله مثل ذلك ثم قال له في آخره تعالى حتى نعبد الذي خلقي
(٤٨١)