تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٧٥
الخطاب ويقال إن أحبار اليهود كان لهم أتباع فلو أسلموا أسلم أتباعهم كلهم ولو كفروا كفر أتباعهم كلهم فهذا معنى قوله * (ولا تكونوا أول كافر به) * يعني من قومكم * (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) * يعني بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم عرضا يسيرا لأنهم كانوا عرفوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكانت لهم مأكلة ووظائف من سفلة قومهم وكانت لهم رئاسة فكانوا يخافون أن تذهب وظائفهم ورئاستهم فقال * (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) * يعني عرض الدنيا وإنما سماه * (قليلا) * لأن الدنيا كلها قليل ثم خوفهم فقال تعالى * (وإياي فاتقون) * في صفة محمد صلى الله عليه وسلم فمن جحد به أدخلته النار قوله تعالى * (ولا تلبسوا الحق بالباطل) * يقال في اللغة لبس يلبس لبسا إذا لبس الثياب ومعناه لا تخلطوا الحق بالباطل فتكتمون صفته وذلك أنهم كانوا يخبرون عن بعض صفته ويكتمون البعض ليصدقوا بذلك فيلبسون عليهم بذلك وقال قتادة * (ولا تلبسوا) * اليهودية والنصرانية بالإسلام وقد علمتم أن دين الله الحق الذي لا يقبل غيره هو الإسلام ويقال معناه ولا تؤمنوا ببعض أمره وتكفروا ببعضه وتكتموا الحق ثم قال تعالى * (وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) * أنكم تكتمون الحق وقوله تعالى * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * يعني أقيموا الصلوات الخمس بركوعها وسجودها ومواقيتها * (وآتوا الزكاة) * المفروضة * (واركعوا مع الراكعين) * أي صلوا مع المصلين يعني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الجماعات ويقال صلوا مع المصلين إلى الكعبة وقال قتادة وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وهما فريضتان واجبتان ليس لأحد فيهما رخصة فأدوهما إلى الله تعالى سورة البقرة آية 44 قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) نزلت هذه الآية في شأن اليهود الذين كانوا حوالي المدينة وهم بنو قريظة والنضير وكانوا ينتظرون خروج النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يدعون الأوس والخزرج إلى الإيمان به فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم آمن به الأوس والخزرج وكفر به اليهود وجحدوا فنزلت هذه الآية * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) * وقال ابن عباس في رواية أبي صالح كانت اليهود إذا جاءهم حليف منهم الذي قد أسلم وسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السر فتقول له إنه نبي صادق فاتبعه وتكتم ذلك عن السفلة مخافة أن تذهب منافعه فنزلت هذه الآية * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) * وقال قتادة في هذه الآية دليل أن من أمر بخير فليكن أشد الناس تسارعا إليه ومن نهى عن شر فليكن أشد الناس انتهاء عنه ويقال نزلت في شأن القصاص قال الفقيه رحمه الله حدثنا القاضي الخليل بن أحمد قال حدثنا ابن أبي حاتم الرازي
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»