ثم قال تعالى * (وتوفنا مع الأبرار) * يعني مع المطيعين والصالحين ويقال اجعل أرواحنا مع أرواح المطيعين والصالحين ويقولون أيضا * (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) * يعني أعطنا ما وعدتنا من الخير والجنة على لسان رسلك ويقال هو ما ذكر من استغفار الأنبياء والملائكة للمؤمنين وهو قول تعالى * (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) * الشورى 5 وما ذكر من دعاء نوح وإبراهيم عليهما السلام للمؤمنين ثم قال تعالى * (ولا تخزنا يوم القيامة) * يعني لا تعذبنا ويقال لا تخذلنا يوم القيامة * (إنك لا تخلف الميعاد) * يعني ما وعدت من الخير والثواب للمؤمنين قوله تعالى * (فاستجاب لهم ربهم) * فأخبر الله عن فعلهم وذكر ما أجابهم به وأنجز لهم موعده وبين لهم ثوابه وهو قوله * (فاستجاب لهم ربهم) * روي عن جعفر بن محمد الصادق أنه قال من دعا الله تعالى بهذه الدعوات فإنه يستجاب له لأنه قال لهم * (أني لا أضيع عمل عامل منكم) * يعني لا أبطل ثواب عمل عامل في طاعتي * (من ذكر أو أنثى) * يعني رجلا أو امرأة قال حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الديبلي قال حدثنا أبو عبيد الله قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن رجل من ولد أم سلمة يقال له سلمة بن الأكوع عن أم سلمة أنها قالت يا رسول الله إني أسمع الله ذكر الهجرة فذكر فيها الرجال ولم يذكر فيها النساء فأنزل الله تعالى * (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) * ويقال إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الله خلق الرجال والنساء وقد آمن به النساء كما آمن به الرجال فما بالهن لم يذكرن كما يذكر الرجال فنزل قوله تعالى * (إن المسلمين والمسلمات) * الآية ونزل * (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) * ثم قال تعالى * (بعضكم من بعض) * قال الكلبي يعني بعضكم أولياء بعض في الدين وقال الضحاك يعني يشبه بعضكم بعضا في الطاعة ويقال بعضكم على أثر بعض ويقال بعضكم على دين بعض ثم قال تعالى * (فالذين هاجروا) * من مكة إلى المدينة * (وأخرجوا من ديارهم) * يعني أن أهل مكة أخرجوا مؤمنيهم من مكة * (وأوذوا في سبيلي) * يعني عذبوا في طاعتي * (وقاتلوا) * مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين * (وقتلوا) * يعني قتلهم المشركون قرأ حمزة والكسائي وقتلوا وقاتلوا على معنى التقديم والتأخير كقوله تعالى * (إني متوفيك ورافعك) * آل عمران 55 وقرأ الباقون وقاتلوا وقتلوا إلا ابن كثير وابن عامر قرآ وقتلوا بالتشديد على معنى التكثير والمبالغة فذكر الله فعلهم ثم ذكر ثوابهم فقال (لأكفرن عنهم سيئاتهم) يعني لأمحون عنهم ذنوبهم * (ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار) * يعني من تحت أشجارها وقصورها الأنهار * (ثوابا من عند الله) * يعني الجنات جزاء لأعمالهم من عند الله تعالى وقال الزجاج إنما صار نصبا
(٣٠٠)