تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٦
أسد ويقال * (وإذا خلوا إلى شياطينهم) * يعني إلى رؤسائهم في الضلالة وقال أبو عبيدة كل عات متمرد فهو شيطان ثم قال تعالى * (قالوا إنا معكم) * على دينكم " إنما نحن مستهزئون " بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم سورة البقرة آية 15 قال الله تعالى * (الله يستهزئ بهم) * يعني يجازيهم جزاء الاستهزاء وفي رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (أن الاستهزاء أن يفتح لهم وهم في جهنم باب من الجنة فيقبلون ويسبحون في النار والمؤمنون على الأرائك ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى الباب سد عليهم وفتح لهم باب آخر في مكان آخر والمؤمنون ينظرون إليهم ويضحكون) كما قال في آية أخرى " فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون " المطففين 34 الآية وقال مقاتل الاستهزاء ما ذكره الله تعالى في سورة الحديد " يوم يقول المنافقون والمنفقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا " الحديد 13 فهذا استهزاء بهم ثم قال تعالى " و يمدهم في طغيانهم يعمهون " يعني يتركهم في ضلالتهم يتحيرون ويترددون عقوبة لهم لاستهزائهم سورة البقرة آية 16 وقوله تعالى * (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) * يعني اختاروا الكفر على الإيمان وفي الآية دليل أن الشراء قد يكون بالمعنى دون اللفظ وهو المبادلة لأن الله تعالى سمى استبدالهم الضلالة بالهدى شراء ولم يكن هنالك لفظ شراء وقوله * (فما ربحت تجارتهم) * فقد أضاف الربح إلى التجارة على وجه المجاز والعرب تقول ربحت تجارة فلان وخسرت تجارة فلان وإنما يريدون به أنه ربح في تجارته وخسر في تجارته والله تعالى أنزل القرآن بلغة العرب على ما يتعارفون فيما بينهم قال * (فما ربحت تجارتهم) * يعني فما ربحوا في تجارتهم وقوله تعالى * (وما كانوا مهتدين) * قال بعضهم معناه وما هم بمهتدين في الحال كقوله تعالى * (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) * مريم 29 يعني من هو في المهد في الحال وقال بعضهم معناه * (وما كانوا مهتدين) * من قبل لأنهم لو كانوا مهتدين من قبل لوفقهم الله تعالى في الحال ولكن لما لم يكونوا مهتدين من قبل خذلهم الله تعالى مجازاة لأفعالهم الخبيثة
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»