تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٩
* (نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا) * التوبة 127 قال بعضهم في الآية مضمر ومعناها يجعلون أصابعهم في آذانهم من الرعد ويغمضون أعينهم من الصواعق وقال أهل اللغة الصاعقة صوت ينزل من السماء فيه نار فمن قال بهذا القول لا يحتاج إلى الإضمار في الآية يجعلون أصابعهم في آذانهم من خوف الصاعقة ثم قال * (والله محيط بالكافرين) * يعني عالم بأعمالهم والإحاطة هي إدراك الشيء بكماله والله أعلم سورة البقرة آية 20 قوله تعالى * (يكاد البرق يخطف أبصارهم) * يعني ضوء البرق يذهب ويختلس بنوره أبصارهم من شدة ضوء البرق فكذلك نور الإيمان من المنافق يكاد يغشى على الناس كفره في سره حتى لا يعلموا كفره وقد قيل معناه يكاد أن يظهر عليهم نور الإسلام فيثبتون على ذلك ثم قال * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * يعني كلما لمع البرق في الليلة المظلمة مضوا فيه * (وإذا أظلم عليهم) * يعني إذا ذهب ضوء البرق * (قاموا) * متحيرين فكذلك المنافق إذا تكلم بلا إله إلا الله يمضي مع المؤمنين ويمنع بها من السيف فإذا مات بقي متحيرا نادما ويقال معناه * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * البقرة 20 يعني كلما ظهر لهم دليل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وظهرت لهم علاماته مالوا إليه * (وإذا أظلم عليهم) * يعني أصابت المسلمين محنة كما أصابتهم يوم أحد وكما أصابتهم يوم بئر معونة * (قاموا) * أي ثبتوا على كفرهم وروي أسباط عن السدي أنه قال كان رجلان من المنافقين هربا من المدينة إلى المشركين فأصابهما المطر الذي ذكر الله فيه ظلمات ورعد وبرق كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما فإذا لمع البرق مشيا في ضوئه وإذا لمع يلمع لم يبصرا فقاما مكانهما فجعلا يقولان يا ليتنا لو أصبحنا فنأتي محمدا صلى الله عليه وسلم فنضع أيدينا في يده فأصبحا فأتياه فأسلما وحسن إسلامهما فضرب الله تعالى بشأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين كانوا بالمدينة ثم قال تعالى * (ولو شاء الله لذهب بسمعهم) * قال بعضهم * (بسمعهم) * الظاهر الذي في الرأس * (وأبصارهم) * التي في العين كما ذهب بسمع قلوبهم وأبصار قلوبهم عقوبة لهم وقد قيل معناه ولو شاء لجعلهم صما وعميا في الحقيقة كما جعلهم صما وعميا في الحكم فقد قيل * (ولو شاء الله) * لجعلهم صما وعميا في الآخرة كما جعلهم في الدنيا وروي في إحدى
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»