أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٦٤٧
ومن سورة تبت بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: (ما أغنى عنه ماله وما كسب)، روي عن ابن عباس: " وما كسب يعني ولده وسماهم ابن عباس الكسب الخبيث. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ". قال أبو بكر: هو كقوله: " أنت ومالك لأبيك " وهو يدل على صحة استيلاد الأب لجارية ابنه وأنه مصدق عليه وتصير أم ولده. ويدل على أن الوالد لا يقتل بولده لأنه سماه كسبا له كما لا يقاد لعبده الذي هو كسبه.
وقوله تعالى: (سيصلى نارا ذات لهب) إحدى الدلالات على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر بأنه وامرأته سيموتان على الكفر ولا يسلمان، فوجد مخبره على ما أخبر به، وقد كان هو وامرأته سمعا بهذه السورة ولذلك قالت امرأته إن محمدا هجانا، فلو أنهما قالا قد أسلمنا وأظهرا ذلك وإن لم يعتقداه لكانا قد ردا هذا القول ولكان المشركون يجدون متعلقا، ولكن الله علم أنهما لا يسلمان لا بإظهاره ولا باعتقاده فأخبر بذلك وكان مخبره على ما أخبر به. وهذا نظير قوله لو قال إنكما لا تتكلمان اليوم، فلم يتكلما مع ارتفاع الموانع وصحة الآلة، فيكون ذلك من أظهر الدلالات على صحة نبوته.
وإنما ذكر الله أبا لهب بكنيته وذكر النبي صلى الله عليه وسلم باسمه، وكذلك زيد وكل من ذكره في الكتاب فإنما ذكرهم بالاسم دون الكنية، لأن أبا لهب كان اسمه عبد العزى، وغير جائز تسميته بهذا الاسم، فلذلك عدل عن اسمه إلى كنيته. آخر السورة.
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 640 641 642 643 644 645 646 647 648 649 650 » »»