تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ١٠ - الصفحة ٣١٦٤
قوله تعالى: فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته الا دابة تأكل منساته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين 17884 عن السدى رضي الله عنه قال: كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، ويدخل طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي مات فيها، وكان بدئ ذلك أنه لم يكن يوما يصبح فيه الا نبتت في بيت المقدس شجرة، فياتيها فيسالها ما اسمك؟ فتقول الشجرة اسمي كذا وكذا... فيقول لها: لأي شيء نبت؟ فتقول: نبت لكذا وكذا... فيأمر بها فتقطع. فان كانت نبتت لغرس غرسها، وان كانت نبتت دواء قالت: نبت دواء لكذا وكذا.... فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها: لأي شيء نبت؟ قالت: نبت لخراب هذا المسجد، فقال سليمان عليه السلام: ما كان الله ليخربه وانا حي! أنت الذي على وجهك هلاكي، وخراب بيت المقدس، فنزعها فغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب، فقام يصلي متكئا على عصا، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك، وهم يعملون له مخافة ان يخرج فيعاقبهم.
وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون، وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه، وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول: الست جليدا؟ ان دخلت فخرجت من ذلك الجانب، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك، فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان الا احترق، فمر ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع صوته، ثم عاد فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق، ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس: ان سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه، فوجدوا منساته وهي العصا بلسان الحبشة قد اكلتها الأرض ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك فوجدوا قد مات منذ سنة وهي في قراءة ابن مسعود ' فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا ' فأيقن الناس عند ذلك ان الجن كانوا يكذبون ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام، ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له، ثم إن الشياطين قالوا للارضة: لو كنتي تاكلين الطعام اتيناكي بأطيب الطعام ولو كنت
(٣١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3159 3160 3161 3162 3163 3164 3165 3166 3167 3168 3169 ... » »»