تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ١ - الصفحة ١٩١
لهما فاراداها عن نفسهما، فقالت: اني على دين لا يصلح لاحد ان يأتيني الا من كان على مثله. قالا: وما دينك؟ قالت: المجوسية. قالا: الشرك هذا شئ لا نقربه. فمكثت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما، فاراداها على نفسهما، فقالت: ما شئتما غير أن لي زوجا وانا اكره ان يطلع على هذا مني فافتضح فان اقررتما لي بديني وشرطما لي ان تصعدا إلى السماء فعلت. فاقراها بدينها واتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما وقطعت اجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو اتينا فلانا فسالناه يطلب لنا التوبة فاتياه فقال: رحمكما الله كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء؟!
قالا: انا قد ابتلينا. قال: ائتياني في يوم الجمعة. فاتياه فقال: ما أجبت فيكما بشئ ائتياني في الجمعة الثانية. فاتياه فقال: اختارا فقد خيرتما ان أحببتما معاقبة الدنيا وعذاب الآخرة، وان أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله - فقال أحدهما: الدنيا لم يمض منها الا قليل. وقال الآخر: ويحك اني قد طعتك في الأمر الأول فأطعني الان. ان عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى. واننا يوم القيامة على حكم الله. فأخاف ان يعذبنا - قال لا: اني لأرجو ان علم الله انا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة ان لا يجمعهما علينا.
قال: فاختاروا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عليهما سفلهما.
1008 حدثنا أبي ثنا مسلم ثنا القاسم بن الفضل الحداني ثنا يزيد - يعني الفارسي عن ابن عباس، قال: ان أهل السماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فراوهم يعملون بالمعاصي فقالوا: يا رب، أهل الأرض يعملون بالمعاصي فقال الله تعالى: أنتم معي، وهم غيب عني فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثة، فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض، وجعل فيهم شهوة الآدميين، فامروا ان لا يشربوا خمرا ولا يقتلوا النفس ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن، فاستقال منهم واحد فاقيل، فاهبط اثنان إلى الأرض فاتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها مناهيد فهوياها جميعا. ثم اتيا منزلها فاجتمعا عندها فاراداها، فقالت: لا حتى تشربا
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»