تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٣٧
* (يأبها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم) * في الدفع عنكم وذلك أن أبا سفيان بن حرب، ومن معه من المشركين يوم الخندق تحزبوا في ثلاثة أمكنة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يقاتلونهم من كل وجه فبعث الله عز وجل عليهم بالليل ريحا باردة، وبعث الله الملائكة، فقطعت الري الأوتاد ، وأطفأت النيران، وجالت الخيل بعضها في بعض، وكبرت الملائكة في ناحية عسكرهم، فانهزم المشركون من غير قتال، فأنزل الله عز وجل يذكرهم، فقال تعالى: * (يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم) * في الدفع عنكم * (إذ جاءتكم جنود) * من المشركين يعني أبا سفيان بن حرب ومن اتبعه * (فأرسلنا عليهم ريحا) * شديدة * (وجنودا لم تروها) * من الملائكة ألف ملك فيهم جبريل عليه السلام * (وكان الله بما تعملون بصيرا) * [آية: 9].
ثم أخبر عن حالهم، فقال سبحانه: * (إذ جاءوكم من فوقكم) * من فوق الوادي من قبل المشرق عليهم مالك بن عوف البصري، وعيينة بن حصن الفزاري في ألف من غطفان معهم طليحة بن خويلد الأسدي، وحيى بن أخطب اليهودي في اليهود يهود قريظة، وعامر بن الطفيل في هوزان، ثم قال جل ثناؤه: * (ومن أسفل منكم) * يعني من بطن الوادي من قبل المغرب، وهو أبو سفيان بن حرب على أهل مكة معه يزيد بن خليس على قريش والأعور السلمي من قبل الخندق، فذلك قوله عز وجل: * (وإذا زاغت الأبصر) * يعني شخصت الأبصار فرقا * (وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) * [آية: 10] يعني الإياس من النصر، وإخلاف الأمر.
يقول جل ثناؤه: * (هنالك) * يعني عند ذلك * (ابتلي المؤمنون) * بالقتال والحصر * (وزلزلوا زلزالا شديدا) * [آية: 11] لما رأى الله عز وجل ما فيه المؤمنون من الجهد والضعف بعث لهم ريحا وجنودا من الملائكة، فأطفأت الريح نيرانهم، وألقت أبنيتهم،
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»