تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ١٧٦
* (والذين يحاجون) *، يعني يخاصمون، * (في الله) *، فهم اليهود، قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فقالوا للمسلمين: ديننا أفضل من دينكم، ونبينا أفضل من نبيكم، يقول: * (من بعد ما استجيب له) *، يعني لله في الإيمان، * (حجتهم داحضة) *، يقول: خصومتهم باطلة حين زعموا أن يدنهم أفضل من دين الإسلام، * (عند ربهم وعليه غضب) * من الله، * (ولهم عذاب شديد) * [آية: 16].
* (الله الذي أنزل الكتاب بالحق) *، يقول: لم ينزله باطلا لغير شئ، * (والميزان) *، يعني العدل، * (وما يدريك) * يا محمد، * (لعل الساعة قريب) * [آية: 17]، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الساعة وعنده أبو فاطمة بن البحتري، وفرقد بن ثمامة، وصفوان بن أمية، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: متى تكون الساعة؟ تكذيبا بها، فقال الله تعالى: * (وما يدريك لعل الساعة) *، يعني القيامة، * (قريب) *.
* (يستعجل بها) * بالساعة، * (الذين لا يؤمنون بها) *، يعني لا يصدقون بها، هؤلاء الثلاثة نفر، أنها كائنة؛ لأنهم لا يخافون ما فيها، * (والذين ءامنوا مشفقون منها) *، يعني بلال وأصحابه، صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم بها، يعني بالساعة؛ لأنهم لا يدرون على ما يهجمون منها، * (ويعلمون أنها الحق) * الساعة أنها كائنة، ثم ذكر الذين لا يؤمنون بالساعة، فقال: * (ألا إن الذين يمارون في الساعة) *، يعني هؤلاء الثلاثة، يعني يشكون في القيامة، * (لفي ضلال بعيد) * [آية: 18]، يعني طويل.
* (الله لطيف بعباده) *، البر منهم والفاجر، لا يهلكهم جوعا حين قال: * (إنا كاشفوا العذاب قليلا) * [الدخان: 15]، * (يرزق من يشاء وهو القوي) * في هلاكهم ببدر، * (العزيز) * [آية: 19] في نقمته منهم.
* (من كان يريد) * بعمله الحسن، * (حرث الآخرة) *، يقول: من كان من الأبرار يريد بعمله الحسن ثواب الآخرة، * (نزد له في حرثه) *، يعني بلالا وأصحابه حتى يضاعف له في حرثه، يقول: في عمله، * (ومن كان) * من الفجار، * (يريد) * بعمله * (حرث الدنيا) *، يعني ثواب الدنيا، * (نؤته منها وما له في الآخرة) *، يعني الجنة لهؤلاء الثلاثة، * (من نصيب) * [آية: 20]، يعني من حظ، ثم نسختها: * (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) * [الإسراء: 18].
تفسير سورة الشورى من الآية (21) إلى الآية (26).
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»