تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ١٦٤
تفسير سورة فصلت من الآية (21) إلى الآية (24).
فلما شهدت عليهم الجوارح، * (وقالوا لجلودهم) *، قالت الألسن للجوارح: * (لم شهدتم علينا) *، يعني الجوارح، قالوا: أبعدكم الله، إنما كنا نجاحش عنكم، فلم شهدتم علينا بالشرك، ولم تكونوا تتكلمون في الدنيا، * (قالوا) *، قالت الجوارح للألسن:
* (أنطقنا الله) * اليوم، * (الذي أنطق كل شئ) * من الدواب وغيرها، * (وهو خلقكم أول مرة) *، يعني هو أنطغكم أول مرة من قبلها في الدنيا، قبل أن ننطق نحن اليوم، * (وإليه ترجعون) * [آية: 21]، يقول: إلى الله تردون في الآخرة، فيجزيكم بأعمالكم، في التقديم.
وذلك أن هؤلاء النفر الثلاثة كانوا في ظل الكعبة يتكلمون، فقال أحدهما: هل يعلم الله ما تقول؟ فقال الثاني: إن خفضنا لم يعلم، وإن رفعنا علمه، فقال الثالث:
إن كان الله يسمع إذا رفعنا، فإنه يسمع إذا خفضنا، فسمع قولهم عبد الله بن مسعود، فأخبر بقولهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله في قولهم: * (وما كنتم تستترون) *، يعني تستيقنون، وقالوا:
تستكتمون، * (أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم) *، يعني حسبتم، * (أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) * [آية: 22]، يعني هؤلاء الثلاثة، قول بعضهم لبعض: هل يعلم الله ما نقول؟ لقول الأول والثاني والثالث، يقول: حسبتم * (أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) *.
* (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم) *، يقول: يقينكم الذي أيقنتم بربكم وعلمكم بالله بأن الجوارح لا تشهد عليكم، ولا تنطق، وأن الله لا يخزيكم بأعمالكم الخبيثة، * (أرداكم) *، يعني أهلككم سوء الظن، * (فأصبحتم من الخاسرين) * [آية: 23] بظنكم السيئ، كقوله لموسى: * (فتردى) * [طه: 16]، يقول فتهلك، * (فأصبحتم من الخاسرين) *، يعني من أهل النار.
* (فإن يصبروا) * على النار، * (فالنار مثوى لهم) *، يعني فالنار مأواهم، * (وإن
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»