تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ١٦٢
* (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) *، قبل ذلك، * (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا) * عبادتي ومعرفتي، يعني أعطيا الطاعة طيعا، * (أو كرها) *، وذلك أن اله تعالى حين خلقهما عرض عليهما الطاعة بالشهوات واللذات، على الثواب والعقاب، فأبين أن يحملنها من المخافة، فقال لها الرب: ائتيا المعرفية لربكما والذكر له، على غير ثواب ولا عقاب، طوعا أو كرها، * (قالتا أتينا طائعين) * [آية: 11]، يعني أعطيناه طائعين.
* (فقضاهن سبع سماوات) *، يقول: فخلق السماوات السبع، * (في يومين) *، الأحد والاثنين، * (وأوحي) *، يقول: وأمر * (في كل سماء أمرها) * الذي أراده، قال: * (وزينا السماء الدنيا) *، يقول: لأنها أدنى السماوات من الأرض، * (بمصابيح) *، يعني الكواكب، * (وحفظا) * بالكواكب، يعني ما يرمي الشياطين بالشهاب؛ لئلا يستمعوا إلى السماء، يقول: * (ذلك) * الذي ذكر من صنعه في هذه الآية، * (تقدير العزيز) * في ملكه، * (العليم) * [آية: 12] بخلقه.
* (فإن أعرضوا) * عن الإيمان، يعني التوحيد، * (فقل أنذرتكم صاعقة) * في الدنيا، * (مثل صاعقة عاد وثمود) * [آية: 13]، يقول: مثل عذاب عاد وثمود، وإنما خص عادا وثمود من بين الأمم؛ لأن كفار مكة قد عاينوا هلاكهم باليمن والحجر.
قال مقاتل:
كل من يموت من عذاب، أو سقم، أو قتل، فهو مصعوق.
ثم قال: * (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) *، يعني من قبلهم ومن بعدهم، فقالوا لقومهم: * (ألا تعبدوا إلا الله) *، يقول: وحدوا الله، * (قالوا) * للرسل:
* (لو شاء ربنا لأنزل ملئكة) *، فكانوا إلينا رسلا، * (فإنا بما أرسلتم به) *، يعني بالتوحيد، * (كافرون) * [آية: 14] لا نؤمن به.
* (فأما عاد فاستكبروا) *، يعني فتكبروا عن الإيمان وعملوا * (في الأرض بغير الحق) *، فخوفهم هود العذاب، * (وقالوا من أشد منا قوة) *، يعني بطشا، قال:
كان الرجل منهم ينزع الصخرة من الجبل لشدته، وكان طوله اثنا عشر ذراعا، ويقال: ثمانية عشر ذراعا، وكانوا باليمن في حضر موت، * (أولم يروا) *، يقول: أو لم يعلموا * (أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة)، يعني بطشا، * (وكانوا بأياتنا) *، يعني بالعذاب، * (يجحدون) * [آية: 15] أنه لا ينزل بهم، فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم.
تفسير سورة فصلت من الآية (16) إلى الآية (20).
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»