فينطلق من الحار إلى البارد، فتقطع جلودهم وتتصدع عظامهم وتحرق كما يحرق في النار.
ثم قال: * (وآخر من شكله أزواج) * [آية: 58] يقول: وآخر من شكله يعني من نحو الحميم والغساق أصناف، يعني ألوان من العذاب في الحميم يشبه بعضه بعضا في شبه العذاب * (هذا فوج مقحم معكم) * وذلك أن القادة في الكفر المطمعين في غزاة بدر والمستهزئين من رؤساء قريش دخلوا النار قبل الأتباع، فقالت الخزنة للقادة وهم في النار: * (هذا فوج) * يعني زمرة * (مقتحم معكم) * النار إضمار يعنون الأتباع، قالت القادة: * (لا مرحبا بهم) * قال الخزنة: * (إنهم صالوا النار) * [آية: 59] معكم.
فردت الأتباع من كفار مكة على القادة: * (قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه) * زينتموه * (لنا) * هذا الكفر إذ تأمروننا في سورة سبأ أن تكفر بالله، وتجعل له أندادا * (فبئس القرار) * [آية: 60] يعني فبئس المستقر.
قالت الأتباع: * (قالوا ربنا من قدم لنا هذا) * يعني من زين لنا هذا، يعني من سبب لنا هذا الكفر * (فرده عذابا ضعفا في النار) * [آية: 61] * (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) * [آية: 62] يعنون فقراء المؤمنين عمار، وخباب، وصهيب، وبلال، وسالم، ونحوهم.
* (اتخذناهم) * سخريا في الدنيا، نظيرها في قد أفلح: * (أتخذنهم سخريا) * [آية:
المؤمنون: 110]، * (أم زاغت عنهم الأبصار) * [آية: 63] يقول: أم حارت أبصارهم عناقهم معنا في النار ولا نراهم.
* (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) * [آية: 64] يعني خصومة القادة والأتباع في هذه الآية، ما قال بعضهم لبعض في الخصومة، نظيرها في الأعراف، وفي ' حم ' المؤمن حين قالت: * (أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا) * [الأعراف: 38] عن الهدى، ثم ردت أولاهم دخول النار على أخراهم دخول النار، وهم الأتباع، وقوله: * (إذ يتحاجون في النار) * إلى آخر الآية [غافر: 47].
تفسير سورة ص من الآية (65) إلى الآية (75).