تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٢٩٥
كل شئ، قال له رجل من بني إسرائيل: هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا، ما بقي أحد من عباد الله هو أعلم مني، فأوحى الله عز وجل إليه: أن رجلا من عبادي يسكن جزائر البحر، يقال له: الخضر، هو أعلم منك، قال: فكيف لي به؟ قال جبريل، عليه السلام: أحمل معك سمكة مالحة، فحيث تنساها تجد الخضر هنالك.
فسار موسى ويوشع بن نون، ومعهما خبز وسمكة مالحة في مكتل على ساحل البحر، فأوى إلى الصخرة قليلا، والصخرة بأرض تسمى: مروان، على ساحل بحر أيلة، وعندها عين تسمى: عين الحياة، فباتا عندها تلك الليلة، وقرب موسى المكتل من العين وفيها السمكة، فأصابها المال فعاشت، ونام موسى، فوقعت السمكة في البحر، فجعل لا يمس صفحتها شئ من الماء إلا انفلق عنه، فقام الماء من كل جانب، وصار أثر الحوت في الماء كهيئة السرب في الأرض، واقتصد الحوت في مجراه ليلحقاه، فذلك قوله سبحانه: * (فاتخذ سبيله في البحر سربا) * [آية: 61]، يعنى الحوت اتخذ سبيله، يعنى طريقه في البحر سربا، يقول: كهيئة فم القربة.
فلما أصبحا ومشيا، نسي يوشع بن نون أن يخبر موسى، عليه السلام، بالحوت حتى أصبحا وجاعا، * (فلما جاوزا قال) * موسى * (لفتاه) *، ليوشع: * (ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) * [آية: 62]، يعنى مشقة في أبداننا، مثل قوله سبحانه: * (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) * [ص: 41]، يعنى مشقة.
* (قال) * يوشع لموسى: * (أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة) *، يعنى انتهينا إلى الصخرة، وهى في الماء، * (فإني نسيت الحوت) *، أن أذكر لك أمره، * (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله) *، يعنى موسى، عليه السلام، طريقة * (في البحر عجبا) * [آية: 63]، فعجب موسى من أمر الحوت.
فلما أخبر يوشع موسى، عليه السلام، بأمر الحوت، * (قال) * موسى: * (ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا) * [آية: 64]، يقول: فرجعا يقصان آثارهما، كقوله سبحانه في القصص: * (قصيه) * [القصص: 11]، يعنى اتبعي أثره، فأخذا، يعنى موسى ويوشع، في البحر في أثر الحوت، حتى لقيا الخضر، عليه السلام، في جزيرة في البحر.
فذلك قوله سبحانه: * (فوجدا عبدا من عبادنا) *، قائما يصلي، * (آتيناه رحمة من عندنا) *، يقول: أعطيناه النعمة، وهي النبوة، * (وعلمناه من لدنا علما) * [آية: 65]،
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»