ثم ذكر ما أعد للموحدين، فقال: * (لهم دار السلام) *، يعني جنة الله، * (عند ربهم) * في الآخرة، * (وهو وليهم) *، يقول: الله وليهم في الآخرة، * (بما كانوا يعملون) * [آية: 127] له في الدنيا، يعني يوحدون ربهم.
* (ويوم يحشرهم) *، يعني كفار الإنس والشياطين والجن، يقول: ويوم نجمعهم، * (جميعا يا معشر الجن) *، ثم يقول للشياطين: * (قد استكثرتم من الإنس) *، يعني من ضلال الإنس فيما أضللتم منهم، وذلك أن كفار الإنس كانوا تولوا الجن وأعاذوا بهم، * (وقال أولياؤهم من الإنس) *، يعني أولياء الجن من كفار الإنس، * (ربنا استمتع بعضنا ببعض) *، كاستمتاع الإنس بالجن، وذلك أن الرجل كان إذا سافر فأدركه الليل بأرض القفر خاف، فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فيبيت في جواره آمنا، وكان استمتاع الجن بالإنس أن يقولوا: لقد سودتنا الإنس حين فزعوا إلينا، فيزدادوا بذلك شرفا، * (و) * قالت: * (وبلغنا أجلنا) * الموت * (الذي أجلت لنا) * في الدنيا، فرد الله عليهم: * (قال النار مثواكم) *، ومثوى الكافرين، * (خالدين فيها) * أبدا، * (إلا ما شاء الله) *، واستثنى أهل التوحيد، أنهم لا يخلدون فيها، * (إن ربك حكيم) *، يعني حكم النار لمن عصاه، * (عليم) * [آية: 128]، يقول: عالم بمن لا يعصيه.
تفسير سورة الإنعام من آية [129 - 130] قوله: * (وكذلك) *، يعني وهكذا، * (نولي بعض الظالمين بعضا) *، فولى الله ظلمة الإنس ظلمة الجن، وولى ظلمة الجن ظلمة الإنس بأعمالهم الخبيثة، فذلك قوله: * (بما كانوا يكسبون) * [آية: 129]، يعني يعملون من الشرك.
ثم قال لهم عند ذلك: * (يا معشر الجن والإنس) *، يعني كفار الجن وكفار الإنس، ولا يعني به الشياطين؛ لأن الشياطين هم أغروا كفار الجن وكفار الإنس، وبعث الله رسولا من الجن إلى الجن، ومن الإنس إلى الإنس يقصون، فذلك قوله: * (ألم يأتكم رسل منكم) *، يعني من أنفسكم الجن إلى الجن، والإنس إلى الإنس، * (يقصون عليكم آياتي) *، يعني آيات القرآن، * (وينذرونكم لقاء يومكم هذا) *، يعني يوم القيامة،