تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٦٥
* (فينبئهم بما كانوا يعملون) * [آية: 108].
فلما نزلت هذه الآية، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ' لا تسبوا ربكم ' فأمسك المسلمون عند ذلك عن شتم آلهتهم، * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) *، فمن حلف بالله فقد اجتهد في اليمين، وذلك أن كفار مكة حلفوا للنبي صلى الله عليه وسلم، * (لئن جاءتهم آية) * كما كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم، * (ليؤمنن بها) * ليؤمنن بالآية، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (قل إنما الآيات عند الله) *، إن شاء أرسلها وليست بيدي، * (وما يشعركم) * وما يدريكم * (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) * [آية: 109]، يعني لا يصدقون، لما سبق في علم الله من الشقاء.
* (ونقلب أفئدتهم) *، يعني قلوبهم، * (وأبصارهم) * عن الإيمان، * (كما لم يؤمنوا به أول مرة) *، يقول: كما لم يؤمن بها أوائلهم من الأمم الخالية بما سألوا من الآيات قبلها، فكذلك كفار أهل مكة لا يصدقون بها إن جاءتهم آية، ثم قال: * (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) * [آية: 110]، يعني في ضلالتهم يترددون، لا نخرجهم منها أبدا.
تفسير سورة الأنعام من آية [111 - 114] ثم أخبر عما علمه فيهم، فقال: * (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) *، وأخبروهم أن محمدا رسول كما سألوا، لقولهم في الفرقان: * (لولا أنزل علينا الملائكة) * [الفرقان: 21]، يعني المستهزئين من قريش، أبا جهل وأصحابه، ثم قال: * (وكلمهم الموتى) *، لقولهم: ابعث لنا، رجلين أو ثلاثة من آبائنا، فنسألهم عما أمامهم مما تحدثنا أنه يكون بعد الموت أحق هو؟ ثم قال: * (وحشرنا عليهم كل شيء قبلا) *، يعني عيانا، قال أبو محمد: ومن قرأه: ' قبلا ' أراد قبيلا قبيلا، رواه عن ثعلب، فعاينوه كله، فلو فعلت هذا كله، فأخبروهم بأن الذي يقول محمد حق، * (ما كانوا ليؤمنوا) *، يعني ليصدقوا، * (إلا
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»