قتل رجلا من قريش، يقال له: عمرو مكان أخيه هشام بن ضبابة، وذلك أن مقيس بن ضبابة وجد أخاه قتيلا في الأنصار في بني النجار، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار رجلا من بني فهر مع مقيس، فقال: ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه، إن علمتم ذلك، وإلا فادفعوا إليه ديته، فلما جاءهم الرسول، قالوا: السمع والطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلا، ولكنا نؤدي ديته، ودفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه، فلما انصرف مقيس عمد إلى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله وفر وارتد عن الإسلام، ورحل من المدينة، وساق معه الدية، ورجع إلى مكة كافرا، وهو يقول في شعره:
* قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع * * وأدركت ثأري واضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع * فنزلت فيه بعدما قتل النفس وارتد عن الإسلام، وساق معه الدية إلى مكة، نزلت فيه الآية: * (ومن يقتل مؤمنا) *، يعني الفهري * (متعمدا) * لقتله * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) * [آية: 93] وافر الانقطاع له بقتله النفس وبأخذه الدية.
تفسير سورة النساء آية [94] * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله) *، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية، وبعث عليها غالب بن عبد الله الليثي أخا ثميلة بن عبد الله، فلما أصبحوا رأوا رجلا يسمى مرداس بن عمرو بن نهيك العنسي من بني تيم بن مرة من أهل فدك، معه غنيمة له، فلما رأى الخيل ساق غنيمته حتى أحرزها في الجبل، وكان قد أسلم من الليل وأخبر أهله بذلك، فلما دنوا منه كبروا، فسمع التكبير، فعرفهم، فنزل إليهم، فقال: سلام عليكم، إني مؤمن، فحمل عليه أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي من بني عبد ود، فقال مرداس: إني منكم أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده