الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٨٨
في سورة هود، الآية (71) أن امرأة إبراهيم كانت واقفة بقربه عندما بشرته الملائكة، ويظهر كذلك أنها كانت امرأة عاقرا فبشروها أيضا وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق.
وكما هو معروف فإن سارة، هي أم إسحاق، ولإبراهيم (عليه السلام) ولد آخر أكبر من إسحاق واسمه (إسماعيل) من (هاجر) - الأمة التي تزوجها إبراهيم.
كان إبراهيم يعلم جيدا أنه من المستبعد أن يحصل له ولد ضمن الموازين الطبيعية، (ومع أن كل شئ مقدورا لله عز وجل)، ولهذا أجابهم بصيغة التعجب:
قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون.. هل البشارة منكم أم من الله عز وجل وبأمره، أجيبوني كي أزداد اطمئنانا؟
إن تعبير " مسني الكبر " إشارة إلى ما كان يجده من بياض في شعره وتجاعيد في وجهه وبقية آثار الكبر فيه.
ويمكن لأحد أن يشكل: بأن إبراهيم (عليه السلام) قد سبق بحالة مشابهة حينما ولد له إسماعيل (عليه السلام) وهو في الكبر.. فلم التعجب من تكرار ذلك؟
والجواب: أولا: كان بين ولادة إسماعيل وإسحاق (على ما يقول بعض المفسرين) أكثر من عشر سنوات، وبذلك يكون تكرار الولادة مع مضي هذه المدة ضعيف الاحتمال.
وثانيا: إن حدوث ووقوع حالة مخالفة للموازين الطبيعية مدعاة للتعجب، وإذا ما تكررت فلا يمنع من التعجب لحدوثها وتكرارها مرة أخرى.
فولادة مولود جديد في هكذا سن أمر غير متوقع، وإذا ما وقع فهو غريب وعجيب في كل الأحوال (1).
وعلى أية حال.. لم يدع الملائكة مجالا لشك أو تعجب إبراهيم حيث قالوا بشرناك بالحق فهي بشارة من الله وبأمره، فهي حق مسلم به.

1 - يذكر بعض المفسرين أن عمر إبراهيم عليه السلام عند ولادة ابنه إسماعيل كان (99) عاما، وعند ولادة إسحاق كان عمره (112) عاما.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»