الشيطان من طرف آخر).
ومن لطيف البيان القرآني شروع الآيات بذكر قصة ضيف إبراهيم (وهم الملائكة الذين جاؤوا بهيئة البشر وبشروه بولد جليل الشأن، ومن ثم أخبروه عن أمر عذاب قوم لوط).
فقد جاء في الآيتين السابقتين أمر الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبيان سعة رحمة الله للناس مع تبيان أليم عذابه، ويطرح في هذه القصة نموذجين حيين لهاتين الصفتين، وبذلك تتبين صلة الربط بين هذه الآيات.
فتقول أولا: ونبئهم عن ضيف إبراهيم.
فكلمة " ضيف " جاءت بصيغة المفرد، ولا مانع من ذلك حيث ذهب بعض كبار المفسرين إلى أن " ضيف " تستعمل مفردا وجمعا.
وهؤلاء الضيوف هم الملائكة الذين دخلوا على إبراهيم (عليه السلام) بوجوه خالية من الابتسامة، فابتدأوه بالسلام إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما.
فقام إبراهيم (عليه السلام) بوظيفته (إكرام الضيف)، فهيأ لهم طعاما ووضعه أمامهم، إلا أنهم لم يدنوا إليه، فاستغرب من موقف الضيوف الغرباء، فعبر عما جال في خاطره قال إنا منكم وجلون (1).
وكان مصدر خوف إبراهيم (عليه السلام) مما كان عليه متعارفا في مسألة رد الطعام أو عدم التقرب منه، فهو عندهم إشارة إلى وجود نية سوء أو علامة عداء.
ولكن الملائكة لم يتركوا ابراهيم في هذا الحال حتى: قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم.
من هو المقصود بالغلام العليم؟
يبدو من خلال متابعة الآيات القرآنية أن المقصود هو (إسحاق)، حيث نقرأ