وروي أيضا عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من يشاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين، قالو: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب (كبائر) فأخذنا بها (وهذا الاعتراف بالذنب والتقصير ولوم الأعداء يكون سببا لأن) يسمع الله عز وجل ما قالوا فأمر من كان في النار من أهل الإسلام فأخرجوا منها فحينئذ يقول الكفار: يا ليتنا كنا مسلمين ". (1) وربما كان ظاهر الآية يوحي إلى أولئك الكفرة الذين ما زالت جذوة الفطرة تسري في أعماق وجدانهم، وحينما لمسوا من نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الآيات الربانية التي تناغي أوتار القلوب، لانت قلوبهم وتمنوا أن لو يكونوا مسلمين، إلا أن تعصبهم الأعمى وعنادهم القاتم، أو قل منافعهم المادية حجبتهم عن قبول دعوة الحق، وبذلك بقوا بين قضبان كفرهم واستحوذت عليهم أحابيل الكفر و الضلال.
ذكر لنا أحد الأصدقاء من المؤمنين المجاهدين وكان قد سافر إلى أوروبا قائلا: ذات مرة التقيت بأحد المسيحيين - وكان رجلا منصفا - وبعد أن بينت له بعض خصال ديننا، استهوته ومال إليها قائلا: أهنئكم من أعماقي على عظمة معتقدكم، ولكن - ماذا نصنع مع الظروف الاجتماعية التي أجبرتنا على أن لا نحيد عنها!
ومن تاريخ الإسلام نطالع ما حصل لقيصر الروم عندما وصله رسول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويذكر بأن القيصر قد أظهر الإيمان سرا للرسول حتى أنه رغب في دعوة قومه لدين التوحيد إلا أنه خاف قومه وفكر بامتحانهم ف (أمر مناديا ينادي:
ألا إن هرقل قد ترك النصرانية واتبع دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبل جنده بأسلحتهم حتى