الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٦
هؤلاء الاشخاص لديهم تعصب خاص نحو كل ما ألفوه في محيطهم الاجتماعي حتى وإن كان ضلالا وانحرافا، لذا تراهم يواجهون كل دعوة جديدة على أساس أنها غير معقولة، فهم يخشون من كل جديد، ويتمسكون بشدة بالعادات والتقاليد القديمة.
أضف إلى ذلك، أن من استهوته الدنيا وعاش لها لا يفقه المعاني الروحية والقيم الإنسانية ويوزن كل شئ بالمعايير المادية، فإذا شاهد شخصا يضحي بكل شئ وحتى بنفسه لأجل أن يصل إلى هدف معنوي، فسوف لا يصدق بأنه عاقل، لأن العقل في عرفهم هو ما يصيب: المال الوافر، الزوجة الجميلة، الحياة المرفهة، والوجاهة الكاذبة!
وعليه، فحينما يرون رجلا قد عرضت عليه الدنيا بكل ما يحلمون به فأبى أن يقبلها بقوله: " والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته " فسيقولون عنه: إنه لمجنون!
الملفت في التهم الموجهة إلى أنبياء الله تعالى أنها تحمل بين طياتها تضادا واضحا يلمس بأدنى تدبر، ففي الوقت الذي يرمون النبي بالمجنون يعودون ويقولون عنه: إنه لساحر، فمع أن الساحر لابد له من الذكاء والنباهة، فهل يعقل أن يكون الساحر، مجنونا؟!
إنهم لم يكتفوا بنسبة الجنون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل تحججوا قائلين: لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين.
فيجيبهم الباري جل شأنه: ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين. فلو ثم انزال الملائكة وشاهدوا الحقيقة بأعينهم ثم لم يؤمنوا بما فسوف يحيق بهم، العذاب الإلهي دون إمهال.
وللمفسرين وجوها متباينة في تفسير ما ننزل الملائكة إلا بالحق:
1 - يرى البعض، أن أمر تنزيل الملائكة لا يتعلق بما يتقوله القائلون تحججا،
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»