الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٦
نعتقد بأنه لا يوجد سوى تفسير واحد واضح لهذه الآية، يمكن تبيانه من مؤدى ظاهرها، وهذا التفسير هو: إن الله لا يعاقب أو يؤاخذ أحدا بالعذاب، قبل أن يتم الحجة عليه، وقبل أن يتضح ويستبين تكليفه، ففي البداية يضع الله تعليماته وأوامره أمام الناس، فإذا التزموا بها وأطاعوا فستنالهم سعادة الدنيا والآخرة. أما إذا عصوا وخالفوا ولم يلتزموا الأوامر والنواهي الربانية، فسيحيق بهم العذاب، ويؤدي إلى هلاكهم.
وإذا تأملنا الآية، ودققنا النظر فيها بشكل صحيح، فسنرى أن هناك أربع مراحل لهذا البرنامج الرباني، هي:
1 - مرحلة الأوامر والنواهي.
2 - مرحلة الفسق والمخالفة.
3 - مرحلة استحقاق المجازاة.
4 - مرحلة الهلاك.
والملاحظ هنا، أن المراحل الأربع هذه، معطوفة على بعضها البعض بواسطة " فاء " التفريع.
هنا يطرح هذا السؤال: لماذا كان المأمورون في الآية الكريمة هم المترفين دون غيرهم؟ (1).
في الإجابة على السؤال المثار، لابد من الإشارة إلى ملاحظة تعتبر مهمة في توضيح المعنى، وهي أن المترفين هم وجهاء القوم، ورؤساء المجتمع - طبعا هذه القاعدة تخص المجتمعات المريضة - والآخرون تبع لهم.
إضافة إلى ذلك، فإن التعبير في الآية الكريمة ينطوي على إشارة مهمة، هي أن أغلب المفاسد الاجتماعية تنبع من المترفين، أصحاب الأموال، البعيدين عن

1 - مترفون، من مادة رفاه، وتعني المتنعمين وذوي الأموال الكثيرة الناسين لله تعالى.
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»