الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٩٨
في حين أن الملائكة لا تتمكن من إدراك هذه الأمور جيدا والاطلاع على ما يدور في أعماق الإنسان بوضوح.
إن وظيفة الأنبياء إبلاغ رسالة السماء والوحي الإلهي، وإيصال دعوة الله إلى الناس والسعي الحثيث وبالوسائل الطبيعية لتحقيق أهداف الوحي، وليس باستعمال قوى إلهية خارقة للسنن الطبيعية لإجبار الناس بقبول الدعوة وترك الانحرافات، وإلا فما كان هناك فخر للإيمان ولا كان هناك تكامل.
ثم يضيف القول (تأكيدا لهذه الحقيقة): فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
" الذكر ": بمعنى العلم والاطلاع، و " أهل الذكر " له من شمولية المفهوم بحيث يستوعب جميع العالمين والعارفين في كافة المجالات. وإذا فسر البعض كلمة " أهل الذكر " في هذا المورد بمعنى (أهل الكتاب)، فهو لا يعني حصر هذا المصطلح بمفهوم معين، وما تفسيرهم في واقعة إلا تطبيق لعنوان كلي على أحد مصاديقه.
لأن السؤال عن الأنبياء والمرسلين السابقين وهل أنهم من جنس البشر وذوي رسالات ووظائف ربانية، يجب أن يكون من علماء أهل الكتاب.
وبالرغم من عدم وجود الوفاق التام بين علماء اليهود والنصارى من جهة والمشركين من جهة أخرى، إلا أنهم مشتركون في مخالفتهم للإسلام، ولهذا فيمكن أن يكون علماء أهل الكتاب مصدرا جيدا بالنسبة للمشركين في معرفة أحوال الأنبياء السابقين.
يقول الراغب في مفرداته: إن الذكر على معنيين، الأول: الحفظ. والثاني:
التذكر واستحضار الشئ في القلب. ولذلك قيل: الذكر ذكران، ذكر بالقلب وذكر باللسان.. ولذا رأينا أن الذكر يطلق على القرآن لأنه يعرض الحقائق ويكشفها.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»