قوله تعالى: " متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين " الاتكاء الاعتماد على الوسادة ونحوها، والسرر جمع سرير، ومصفوفة من الصف أي مصطفة موصولة بعضها ببعض، والمعنى: متكئين على الوسائد والنمارق قاعدين على سرر مصطفة.
وقوله: " وزوجناهم بحور عين " المراد بالتزويج القرن أي قرناهم بهن دون النكاح بالعقد، والدليل عليه تعديه بالباء فإن التزويج بمعنى النكاح بالعقد متعد بنفسها، قال تعالى: " زوجناكها " الأحزاب: 37، كذا قيل.
قوله تعالى: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ " الخ، قيل: الفرق بين الاتباع واللحوق مع اعتبار التقدم والتأخر فيهما جميعا أنه يعتبر في الاتباع اشتراك بين التابع والمتبوع في مورد الاتباع بخلاف اللحوق فاللاحق لا يشارك الملحوق في ما لحق به فيه.
ولات وألات بمعنى نقص فمعنى ما ألتناهم ما نقصناهم شيئا من عملهم بالالحاق.
وظاهر الآية أنها في مقام الامتنان فهو سبحانه يمتن على الذين آمنوا أنه سيلحق بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان فتقر بذلك أعينهم، وهذا هو القرينة على أن التنوين في " إيمان " للتنكير دون التعظيم.
والمعنى: اتبعوهم بنوع من الايمان وإن قصر عن درجة إيمان آبائهم إذ لا امتنان لو كان إيمانهم أكمل من إيمان آبائهم أو مساويا له.
وإطلاق الاتباع في الايمان منصرف إلى اتباع من يصح منه في نفسه الايمان ببلوغه حدا يكلف به فالمراد بالذرية الأولاد الكبار المكلفون بالايمان فالآية لا تشمل الأولاد الصغار الذين ماتوا قبل البلوغ، ولا ينافي ذلك كون صغار أولاد المؤمنين محكومين بالايمان شرعا.
اللهم إلا أن يستفاد العموم من تنكير الايمان ويكون المعنى: واتبعتهم ذريتهم بإيمان ما سواء كان إيمانا في نفسه أو إيمانا بحسب حكم الشرع.
وكذا الامتنان قرينة على أن الضمير في قوله: " وما ألتناهم من عملهم من شئ " للذين آمنوا كالضميرين في قوله: " واتبعتهم ذريتهم " إذ قوله: " وما ألتناهم من عملهم من شئ " مسوق حينئذ لدفع توهم ورود النقص في الثواب على تقرير الالحاق وهو ينافي