الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ١٠٨
ابتغاء الفتنة، ألا تراهم كيف غالطوا أنفسهم متغابين وليسوا على ضعفهم متجاهلين عندما أنزل قوله - إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم -. عاد كلامه، قال (استدل لأبى حنيفة على أن قول القائل أشهد يمين بقوله - اتخذوا أيمانهم جنة - ولم يصدر منهم إلا قولهم نشهد إنك لرسول الله فجعله يمينا) قال أحمد: أحد القولين عند مالك رحمه الله إذا قال أشهد وأحلف وأقسم ولم ينو بالله ولا بغيره كما نقل عن أبي حنيفة أنه يمين وليس بالمشهور، أما لو نوى بالله وإن لم يتلفظ فيمين بلا إشكال، وليس فيما ذكره دليل على ما ذكره فإن قوله - اتخذوا أيمانهم جنة - غايته أنما ذكروه يسمى يمينا، وليس الخلاف في تسميته يمينا وإنما الخلاف هل يكون يمينا منعقدة يلزم بالحنث فيها كفارة أم لا، وليس كل ما يسمى حلفا أو قسما يوجب حكما، ألا ترى أنه لو قال أحلف ولم يقل بالله ولا بغيره فهو من محال الخلاف في وجوب الكفارة به وإن كان حلفا لغة باتفاق لأنه فعل مشتق منه. عاد كلامه، قوله تعالى (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا) قال فيه (المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم الخ) قال أحمد:
ويحتمل وجها رابعا وهو أنهم آمنوا به قبل مبعثه على الصفة المذكورة في التوراة لأنهم كانوا يسمعونها من جيرانهم اليهود ثم كفروا به بعد مبعثة وموافقة الصفة ولعل في المنافقين يهودا، وإن لم يكن فقد كان الإيمان قبل مبعثه من الفريقين اليهود وعبدة الأوثان من العرب إلى نزول قوله - لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة - كيف حكى الله تعالى عن الفريقين ما كانوا يقولونه، والبينة النبي صلى الله عليه وسلم.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 105 106 107 108 109 112 113 114 117 ... » »»