إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٨١
و (من أيام) نعت لعدة و (أخر) لا ينصرف للوصف والعدل عن الألف واللام لأن الأصل في فعلى صفة أن تستعمل في الجمع بالألف واللام كالكبرى والكبر، والصغرى والصغر (يطيقونه) الجمهور على القراءة بالياء، وقرئ " يطوقونه " بواو مشددة مفتوحة، وهو من الطوق الذي هو قدر الوسع، والمعنى يكلفونه (فدية) يقرأ بالتنوين، و (طعام) بالرفع بدلا منها، أو على إضمار مبتدأ: أي هي طعام و (مسكين) بالإفراد، والمعنى أن ما يلزم بإفطار كل يوم إطعام مسكين واحد.
ويقرأ بغير تنوين وطعام بالجر ومساكين بالجمع، وإضافة الفدية إلى الطعام إضافة الشئ إلى جنسه، كقولك، خاتم فضة، لأن طعام المسكين يكون فدية وغير فدية، وإنما جمع المساكين لأنه جمع في قوله " وعلى الذين يطيقونه " فقابل الجمع بالجمع، ولم يجمع فدية لأمرين: أحدهما أنها مصدر، والهاء فيها لا تدل على المرة الواحدة بل هي للتأنيث فقط. والثاني أنه لما أضافها إلى مضاف إلى الجمع فهم منها الجمع، والطعام هنا بمعنى الإطعام كالعطاء بمعنى الإعطاء، ويضعف أن يكون الطعام هو المطعوم، لأنه أضافه إلى المسكين، وليس الطعام للمسكين قبل تمليكه إياه، فلو حمل على ذلك لكان مجازا، لأنه يكون تقديره فعليه إخراج طعام يصير للمساكين، ولو حملت الآية عليه لم يمتنع، لأن حذف المضاف جائز، وتسمية الشئ بما يؤول إليه جائز (فهو خير له) الضمير يرجع إلى التطوع ولم يذكر لفظه، بل هو مدلول عليه بالفعل (وأن تصوموا) في موضع رفع مبتدأ، و (خير) خبره، و (لكم) نعت لخير، و (إن كنتم) شرط محذوف الجواب، والدال على المحذوف أن تصوموا.
قوله تعالى (شهر رمضان) في رفعه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدإ محذوف تقديره: هي شهر، يعنى الأيام المعدودات، فعلى هذا يكون (الذي أنزل) نعتا للشهر أو لرمضان. والثاني هو مبتدأ، ثم في الخبر وجهان: أحدهما الذي أنزل، والثاني أن الذي أنزل صفة، والخبر هو الجملة التي هو قوله (فمن شهد).
فإن قيل: لو كان خبرا لم يكن فيه الفاء، لأن شهر رمضان لا يشبه الشرط.
قيل: الفاء على قول الأخفش زائدة، وعلى قول غيره ليست زائدة، وإنما دخلت لأنك وصفت الشهر بالذي فدخلت الفاء كما تدخل في خبر نفس الذي، ومثله " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ".
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست