والثانية لأن مقتضاهما واحد، وقيل الثانية تكرير فلم تحتج إلى جواب، وقيل جواب الأولى محذوف تقديره أنكروه، أو نحو ذلك (فلعنة الله) هو مصدر مضاف إلى الفاعل.
قوله تعالى (بئس ما اشتروا) فيه أوجه: أحدها أن تكون " ما " نكرة غير موصوفة منصوبة على التمييز قاله الأخفش، واشتروا على هذا صفة محذوف تقديره شئ أو كفر، وهذا المحذوف هو المخصوص، وفاعل بئس مضمر فيها ونظيره:
* لنعم الفتى أضحى بأكناف حايل * أي فتى أضحى.
وقوله (أن يكفروا) خبر مبتدإ محذوف: أي هو أن يكفروا، وقيل أن يكفروا في موضع جر بدلا من الهاء في به، وقيل هو مبتدأ، وبئس وما بعدها خبر عنه. والوجه الثاني أن تكون " ما " نكرة موصوفة، واشتروا صفتها، وأن يكفروا على الوجوه المذكورة، ويزيد هاهنا أن يكون هو المخصوص بالذم. والوجه الثالث أن تكون " ما " بمنزلة الذي، وهو اسم بئس، وأن يكفروا المخصوص بالذم، وقيل اسم بئس مضمر فيها، والذي وصلته المخصوص بالذم. والوجه الرابع أن تكون " ما " مصدرية أي بئس شراؤهم، وفاعل بئس على هذا مضمر، لأن المصدر هنا مخصوص ليس بجنس.
قوله (بغيا) مفعول له، ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر، لأن ما تقدم يدل على أنهم بغوا بغيا (أن ينزل الله) مفعول من أجله: أي بغوا، لأن أنزل الله، وقيل التقدير: بغيا على ما إنزال الله: أي حسدا على ما خص الله به نبيه من الوحي ومفعول ينزل محذوف: أي ينزل الله شيئا (من فضله) ويجوز أن تكون من زائدة على قول الأخفش، و (من) نكرة موصوفة: أي على رجل (يشاء) ويجوز أن تكون بمعنى الذي، ومفعول يشاء محذوف: أي يشاء نزوله عليه، ويجوز أن يكون يشاء يختار ويصطفى، و (من عباده) حال من الهاء المحذوفة، ويجوز أن يكون في موضع جر صفة أخرى لمن (فباءوا بغضب) أي مغضوبا عليهم فهو حال (على غضب) صفة لغضب الأول (مهين) الياء بدل من الواو، لأنه من الهوان.
قوله تعالى (ويكفرون) أي وهم يكفرون، والجملة حال، والعامل فيها قالوا من قوله " قالوا نؤمن "، ولا يجوز أن يكون العامل نؤمن، إذ لو كان كذلك لوجب أن يكون لفظ الحال ونكفر: أي ونحن نكفر، والهاء في (وراءه) تعود على " ما " والهمزة في وراء بدل من ياء لأن ما فاؤه واو لا يكون لامه واوا، ويدل عليه أنها ياء في تواريت لا همزة، وقال ابن جنى: هي عندنا همزة لقولهم، وريئة بالهمز