إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٤٨
أن يكون توكيدا للضمير المرفوع المستثنى منه، وسيبويه وأصحابه يسمونه نعتا ووصفا، وأنشد أبو علي في مثل رفع هذه الآية:
وبالصريمة منهم منزل خلق * عاف تغير إلا النؤى والوتد (وأنتم معرضون) جملة في موضع الحال المؤكدة، لأن توليتم يغنى عنه، وقيل المعنى توليتم بأبدانكم وأنتم معرضون بقلوبكم، فعلى هذا هي حال منتقلة، وقيل توليتم يعنى آباءهم وأنتم معرضون، يعنى أنفسهم كما قال: " وإذ نجيناكم من آل فرعون " يعنى آباءهم.
قوله تعالى (من دياركم) الياء منقلبة عن واو لأنه جمع دار، والألف في دار واو في الأصل، لأنها من دار يدور، وإنما قلبت ياء في الجمع لانكسار ما قبلها واعتلالها في الواحد.
فإن قلت: فكيف صحت في لو إذا؟ قيل: لما صحت في الفعل صحت في المصدر، والفعل لاوذت.
فإن قلت: فكيف في ديار؟ قيل الأصل فيه ديوار فقلبت الواو وأدغمت، (ثم أقررتم) فيه وجهان: أحدهما أن ثم على بابها في إفادة العطف والتراخي، والمعطوف عليه محذوف تقديره: فقبلتم ثم أقررتم، والثاني أن تكون " ثم " جاءت لترتيب الخبر لا لترتيب المخبر عنه، كقوله تعالى " ثم الله شهيد ".
قوله تعالى (ثم أنتم هؤلاء) أنتم مبتدأ، وفى خبره ثلاثة أوجه: أحدها تقتلون، فعلى هذا في هؤلاء وجهان: أحدهما في موضع نصب بإضمار أعنى، والثاني هو منادى: أي يا هؤلاء، إلا أن هذا لا يجوز عند سيبويه، لأن أولاء مبهم، ولا يحذف حرف النداء مع المبهم، والوجه الثاني أن الخبر هؤلاء على أن يكون بمعنى الذين، وتقتلون صلته، وهذا ضعيف أيضا، لأن مذهب البصريين أن أولاء هذا لا يكون بمنزلة الذين، وأجازه الكوفيون. والوجه الثالث أن الخبر هؤلاء على تقدير حذف مضاف تقديره: ثم أنتم مثل هؤلاء كقولك: أبو يوسف أبو حنيفة، فعلى هذا تقتلون حال يعمل فيها معنى التشبيه.
قوله (تظاهرون عليهم) في موضع نصب على الحال، والعامل فيها تخرجون، وصاحب الحال الواو، ويقرأ بتشديد الظاء، والأصل تتظاهرون، فقلبت التاء الثانية ظاء وأدغمت، ويقرأ بالتخفيف على حذف التاء الثانية، لأن الثقل والتكرر حصل بها، ولأن الأولى حرف يدل على معنى، وقيل المحذوفة هي الأولى، ويقرأ بضم التاء وكسر الهاء والتخفيف، وماضيه ظاهر (والعدوان) مصدر مثل
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست