ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء: أي وأرجلكم مغسولة أو كذلك. ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب. وفيها وجهان: أحدهما أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب والحكم مختلف، فالرؤوس ممسوحة والأرجل مغسولة، وهو الإعراب الذي يقال هو على الجوار، وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته، فقد جاء في القرآن والشعر، فمن القرآن قوله تعالى " وحور عين " على قراءة من جر، وهو معطوف على قوله " بأكواب وأباريق " والمعنى مختلف، إذ ليس المعنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين، قال الشاعر وهو النابغة:
لم يبق إلا أسير غير منفلت * أو موثق في حبال القد مجنوب والقول في مجرورة والجوار مشهور عندهم في الإعراب، وقلب الحروف ببعضها إلى بعض والتأنيث وغير ذلك. فمن الإعراب ما ذكرنا في العطف، ومن الصفات قوله " عذاب يوم محيط " واليوم ليس بمحيط، وإنما المحيط العذاب، وكذلك قوله " في يوم عاصف " واليوم ليس بعاصف وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف قوله على الصلاة والسلام " ارجعن مأزورات غير مأجورات " والأصل موزورات ولكن أريد التآخي، وكذلك قولهم: إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا. ومن التأنيث قوله " فله عشر أمثالها " فحذفت التاء من عشر وهي مضافة إلى الأمثال وهي مذكرة، ولكن لما جاورت الأمثال الضمير المؤنث أجرى عليها حكمه، وكذلك قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تضعضعت * سور المدينة والجبال الخشع وقولهم: ذهبت بعض أصابعه. ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم: قامت هند، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة، ومن ذلك قولهم: قام زيد وعمرا كلمته استحسنوا النصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل، ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم أوائل، كما لو وقعت طرفا، وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب طواويس، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد، وقد جعل النحويون له بابا ورتبوا عليه مسائل ثم أصلوه بقولهم: جحر ضب خرب، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع، فأجاز الاتباع فيهما جماعة من حذاقهم قياسا على المفرد المسموع، ولو كان لا وجه في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط، ويؤيد ما ذكرناه أن الجر في الآية قد أجيز غيره، وهو