وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا، وأن يكون بمعنى المخلوق، ويكون من إضافة الشئ إلى ما هو هو في المعنى. والثاني أن السماوات والأرض بمعنى الجمع، فعادت الإشارة إليه. والثالث أن يكون المعنى ما خلقت هذا المذكور أو المخلوق (فقنا) دخلت الفاء لمعنى الجزاء فالتقدير إذا نزهناك أو وحدناك فقنا (من تدخل النار) في موضع نصب بتدخل، وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط، وهو (فقد أخزيته) وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ والشرط وجوابه الخبر، وعلى جميع الأوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن.
قوله تعالى (ينادى) صفة لمناديا أو حال من الضمير في مناديا.
فإن قيل: ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذي هو مناد عليه؟ قيل:
فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو توكيد كما تقول قم قائما، والثاني أنه وصل به ما حسن التكرير، وهو قوله (للأيمان) والثالث أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ما ليس بنداء، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداءه في تلك الحال، ومفعول ينادى محذوف: أي ينادى الناس (أن آمنوا) أن هنا بمعنى أي، فيكون النداء قوله آمنوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالأمر فيكون التقدير:
على هذا ينادى للإيمان بأن آمنوا (مع الأبرار) صفة للمفعول المحذوف تقديره:
أبرارا مع الأبرار، وأبرارا على هذا حال، والأبرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف، ويجوز الإمالة في الإبرار تغليبا لكسرة الراء الثانية.
قوله تعالى (على رسلك) أي على ألسنة رسلك، وعلى متعلقة بوعدتنا، ويجوز أن يكون بآتنا و (الميعاد) مصدر بمعنى الوعد.
قوله تعالى (عامل منكم) منكم صفة لعامل و (من ذكر أو أنثى) بدل من منكم، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الإيضاح، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره: استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى، و (بعضكم من بعض) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أو صفة (فالذين هاجروا) مبتدأ، و (لأكفرن) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف (ثوابا) مصدر، وفعله دل عليه الكلام المتقدم، لأن تكفير السيئات إثابة فكأنه قال: لأثيبنكم ثوابا، وقيل هو حال، وقيل تمييز، وكلا القولين كوفي، والثواب بمعنى الإثابة، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك: هذا الدرهم ثوابك، فعلى هذا يجوز أن يكون