قوله تعالى (يمحق الله الربا) روى أبو زيد الأنصاري أن بعضهم قرأ بكسر الراء وضم الباء وواو ساكنة، وهي قراءة بعيدة إذ ليس في الكلام اسم في آخره واو قبلها ضمة لا سيما وقبل الضمة كسرة، وقد يؤول على أنه وقف على مذهب من قال هذه افعوا فتقلب الألف في الوقف واوا، فإما أن يكون لم يضبط الراوي حركة الباء أو يكون سمى قربها من الضمة ضما.
قوله تعالى (ما بقي) الجمهور على فتح الباء، وقد قرئ شاذا بسكونها، ووجهه أنه خفف بحذف الحركة عن الياء بعد الكسرة، وقد قال المبرد: تسكين ياء المنقوص في النصب من أحسن الضرورة هذا مع أنه معرب فهو في الفعل الماضي أحسن.
قوله تعالى (فأذنوا) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الذال وماضيه أذن، والمعنى:
فأيقنوا بحرب، ويقرأ بقطع الهمزة والمد وكسر الذال وماضيه آذن: أي أعلم، والمفعول محذوف: أي فأعلموا غيركم، وقيل المعنى: صيروا عالمين بالحرب (لا تظلمون ولا تظلمون) يقرأ بتسمية الفاعل في الأول، وترك التسمية في الثاني ووجهه أن منعهم من الظلم أهم فبدئ به، ويقرأ بالعكس. والوجه فيه أنه قدم ما تطمئن به نفوسهم من نفى الظلم عنهم ثم منعهم من الظلم، ويجوز أن تكون القراءتان بمعنى واحد، لأن الواو لا ترتب.
قوله تعالى (وإن كان ذو عسرة) كان هنا التامة: أي إن حدث ذو عسرة، وقيل هي الناقصة، والخبر محذوف تقديره: وإن كان ذو عسرة لكم عليه حق أو نحو ذلك، ولو نصب فقال ذا عسرة لكان الذي عليه الحق معينا بالذكر السابق، وليس ذلك في اللفظ إلا أن يتحمل لتقديره، والعسرة والعسر بمعنى، والنظرة بكسر الظاء مصدر بمعنى التأخير، والجمهور على الكسر، ويقرأ بالإسكان إيثارا للتخفيف كفخذ وفخذ وكتف وكتف، ويقرأ فناظرة بالألف وهي مصدر كالعاقبة والعافية، ويقرأ فناظره على الأمر كما تقول ساهله بالتأخير (إلى ميسرة) أي إلى وقت ميسرة أو وجود ميسرة، والجمهور على فتح السين والتأنيث، وقرئ بضم السين وجعل الهاء ضميرا، وهو بناء شاذ لم يأت منه إلا مكرم ومعون، على أن ذلك قد تؤول على أنه جمع مكرمة ومعونة، وتحتمل القراءة بعد ذلك أمرين: أحدهما أن يكون جمع ميسرة كما قالوا في البناءين. والثاني أن يكون أراد ميسورة فحذف الواو اكتفاء بدلالة الضمة عليها وارتفاع نظرة على الابتداء والخبر محذوف: أي فعليكم نظرة.