" كل " إلى ما بعدها بمعنى اللام، لأن المضاف إليه غير المضاف (وأصابه) الجملة حال من أحد، وقد مرادة تقديره: وقد أصابه، وقيل وضع الماضي موضع المضارع، وقيل حمل في العطف على المعنى، لأن المعنى أيود أحدكم أن لو كانت له جنة فأصابها وهو ضعيف، إذ لا حاجة إلى تغيير اللفظ مع صحة معناه (وله ذرية) جملة في موضع الحال من الهاء في أصابه. واختلف في أصل الذرية على أربعة أوجه: أحدها أن أصلها ذرورة من ذر يذر إذا نشر، فأبدلت الراء الثانية ياء لاجتماع الراءات، ثم أبدلت الواو ياء ثم أدغمت، ثم كسرت الراء اتباعا، ومنهم من يكسر الذال اتباعا أيضا، وقد قرئ به. والثاني أنه من ذر أيضا إلا أنه زاد الياءين، فوزنه فعلية.
والثالث أنه من ذرأ بالهمز فأصله على هذا ذروءة فعولة، ثم أبدلت الهمزة ياء وأبدلت الواو ياء فرارا من ثقل الهمزة الواو والضمة. والرابع أنه من ذرا يذرو لقوله " وتذروه الرياح " فأصله ذرورة ثم أبدلت الواو ياء ثم عمل ما تقدم، ويجوز أن يكون فعلية على الوجهين (فأصابها) معطوف على صفة الجنة.
قوله تعالى (أنفقوا من طيبات) المفعول محذوف: أي شيئا من طيبات، وقد ذكر مستوفى فيما تقدم (ولا تيمموا) الجمهور على تخفيف التاء وماضيه تيمم والأصل تتيمموا فحذف التاء الثانية كما ذكر في قوله " تظاهرون " ويقرأ بتشديد التاء وقبله ألف، وهو جمع بين ساكنين، وإنما سوغ ذلك المد الذي في الألف، وقرئ بضم التاء وكسر الميم الأولى على أنه لم يحذف شيئا ووزنه تفعلوا (منه) متعلقة ب (تنفقون) والجملة في موضع الحال من الفاعل في تيمموا، وهي حال مقدرة لأن الإنفاق منه يقع بعد القصد إليه، ويجوز أن يكون حالا من الخبيث لأن في الكلام ضميرا يعود إليه: أي منفقا منه، والخبيث صفة غالبة فلذلك لا يذكر معها الموصوف (ولستم بآخذيه) مستأنف لا موضع له (إلا أن تغمضوا) في موضع الحال: أي إلا في حال الإغماض، والجمهور على ضم التاء وإسكان الغين وكسر الميم وماضيه أغمض وهو متعد، وقد حذف مفعوله أي تغمضوا أبصاركم أو بصائركم، ويجوز أن يكون لازما مثل أغضى عن كذا، ويقرأ كذلك إلا إنه بتشديد الميم وفتح الغين والتقدير: أبصاركم، ويقرأ تغمضوا بضم التاء والتخفيف وفتح الميم على ما لم يسم فاعله: والمعنى: إلا أن تحملوا على التفاعل عنه والمسامحة فيه، ويجوز أن يكون من أغمض إذا صودف على تلك الحال، كقولك: أحمد الرجل: أي وجد محمودا