تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٩١
* (وممن حولكم من الاعراب منفقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم (101) وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صلحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) * (102) ومن جملة من حول بلدتكم وهي المدينة * (من الاعراب) * الذين يسكنون البدو * (منفقون) * وهم جهينة وأسلم وغفار وأشجع ومزينة، كانوا نازلين حول المدينة * (ومن أهل المدينة) * عطف على خبر المبتدأ الذي هو * (ممن حولكم) *، ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدرت: ومن أهل المدينة قوم * (مردوا على النفاق) * على أن يكون * (مردوا) * صفة موصوف محذوف كقوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا (1) أي: ابن رجل وضح أمره، و * (مردوا على النفاق) * تمهروا فيه، من قولهم:
مرد فلان على عمله، ومرد عليه: إذا درب به حتى لان عليه ومهر فيه، ودل على مهارتهم فيه بقوله: * (لا تعلمهم) * أي: يخفون عليك مع فطنتك وصدق فراستك لفرط تنوقهم (2) في تحامي (3) ما يشكك في أمرهم، ثم قال: * (نحن نعلمهم) * أي:
لا يعلمهم إلا الله المطلع على البواطن، لأنهم يبطنون الكفر في ضمائرهم ويظهرون لك الإيمان وظاهر الإخلاص الذي لا تشك معه في أمرهم * (سنعذبهم مرتين) * هما: ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم، وعذاب القبر

(1) وعجزه: متى أضع العمامة تعرفونني. والبيت منسوب تارة لسحيم بن وثيل الرياحي وكان عبدا حبشيا، وتارة للمثقب العبدي، وأخرى للعرجي. وهو من باب المفاخرة بالشجاعة والبطولة في الصولات في ميدان القتال، وفيه استعارة على سبيل التصريح. راجع شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 76.
(2) تنوق في الأمر: تجود وبالغ فيه. (القاموس المحيط: مادة نوق).
(3) تحاماه الناس: أي توقوه واجتنبوه. (الصحاح: مادة حمى).
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»